الفتوحات العظيمة، رحل السلطان الملك الأشرف، ودخل دمشق وأقام مدة، ثم عاد إلى الديار المصرية ودخلها في هذه السنة.

وفيها لما كان السلطان محاصر لعكا، سعى علم الدين سنجر الحموي المعروف بأبي خرص، بين السلطان وبين حسام الدين نائب السطنة بدمشق، فخاف حسام الدين لاجين، وقصد أن يهرب، وعلم به السلطان فقبض عليه، وعلى أبي خرص، وقيدهما وأرسلهما فحبسا.

وفيها ولى السلطان، علم الدين، سنجر الشجاعي نيابة السلطنة بالشام موضع حسام الدين لاجين.

وفيها في ربيع الأول، مات أرغون ملك التتر بن أبغا بن هولاكو بن طلو بن جنكزخان، وكانت مدة مملكته نحو سبع سنين، ولما مات، ملك بعده أخوه كيختو بن أبغا، وخلف أرغون ولدين هما فازان، وخربندا، وكانا بخراسان، ولما تولى كيختو أفحش في الفسق واللواط بأبناء المغل، فأبغضوه على ذلك وفسدت نياتهم فيه.

وفيها قتل تلابغا بن منكوتمر بن طغان بن باطو بن دوشي خان بن جنكزخان، وقد تقدم ذكر ملكه في سنة ست وثمانين وستمائة، قتله نغية، وجلس بعده في الملك طقطغا بن منكوتمر بن طغان أخو تلابغا المذكور، ورتب نغية إخوة طقطغا معه، وهم برلك، وصراي بغا، وتدان، وفي أوائل هذه السنة، أعني سنة تسعين وستمائة، تكملت عمارة قلعة حلب، وكان قد شرع قراسنقر في عمارتها في أيام السلطان الملك المنصور، فتمت في أيام الملك الأشرف، فكتب عليها اسمه، وكان قد خربها هولاكو لما استولى على حلب في سنة ثمان وخمسين، وستمائة، فكان لبثها على التخريب نحو ثلاث وثلاثين سنة بالتقريب.

ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وستمائة.

ذكر فتوح قلعة الروم

في هذه السنة سار السلطان الملك الأشرف من مصر إلى الشام، وجمع عساكره المصرية والشامية، وسار الملك المظفر محمود، وعمه الملك الأفضل، إلى خدمته، والتقياه بدمشق، وسارا في خدمته وسبقاه إلى حماة، فاهتم الملك المظفر صاحب حماة في أمر الضيافة والإقامة والتقدمة، ووصل السلطان إلى حماة وضرب دهليزه في شماليها، عند ساقية سلمية، ومد له الملك المظفر سماطاً عظيماً بالميدان، ونصب خيماً تليق بنزول السلطان، فنزل السلطان الملك الأشرف بالميدان، وبسط بين يدي فرسه عدة كثيرة من الشقق الفاخرة، ثم دخل السلطان إلى دار الملك المظفر بحماة، فبسط الملك المظفر بين يدي فرسه بسطاً ثانياً، وقعد السلطان بالدار، ثم دخل الحمام، وخرج وجلس على جانب العاصي، ثم راح إلى الطيارة التي على سور باب النقفي، المعروفة بالطيارة الحمراء، فقعد فيها، ثم توجه من حماة، وصاحب حماة وعمه في خدمته إلى المشهد، ثم إلى الحمام والزرقا، بالبرية، فصاد شيئاً كثيراً من الغزلان وحمير الوحش، وأما العساكر فسارت على السكة إلى حلب، ثم وصل السلطان إلى حلب وتوجه منها إلى قلعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015