فيها توجه الملك الظاهر بيبرس إلى بلاد سيس، فدخلها بعساكره المتوافرة، وغنموا ثم عادوا إلى دمشق حتى خرجت هذه السنة.
ثم دخلت سنة أربع وسبعين وستمائة فيها نازلت التتر البيرة، وكان اسم مقدمهم أقطاي، وكان الملك الظاهر بدمشق، فتوجه إلى جهة البيرة، فرحل التتر عنها، ولاقى الملك الظاهر الخبر برحيلهم وهو بالقطيفة فأتم السير إلى حلب، ثم عاد إلى مصر.
وفيها بعد وصول الملك الظاهر إلى مصر، جهز جيشاً مع أقسنقر الفارقاني، ومعه عز الدين أيبك الأفرم، إلى النوبة، فساروا إليها ونهبوا وقتلوا وعادوا بالغنائم.
وفيها كان زواج الملك السعيد بركة ابن الظاهر بيبرس، بابنة الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي، غازية خاتون. وفيها في أواخر السنة المذكورة، عاد الملك الظاهر إلى الشام.
ثم دخلت سنة خمس وسبعينوستمائة. فيها في المحرم، وصل الملك الظاهر بيبرس إلى دمشق، وكان فد خرج من مصر في أواخر سنة أربع وسبعين، وبلغه وصول الأمراء الروميين الوافدين، وهم بيجار الرومي، وبهادر ولده، وأحمد بن بهادر، وغيرهم، فسار الملك الظاهر إلى جهة حلب والتقاهم وأكرمهم ثم عاد إلى الديار المصرية.
وفي هذه السنة عاد الملك الظاهر بيبرس بعساكره المتوافرة إلى الشام، وكان خروجه من مصر في يوم الخميس، لعشرين من رمضان هذه السنة، ووصل إلى حلب، ثم إلى النهر الأزرق، ثم سار إلى أبلستين، فوصل إليها في ذي القعدة، والتقى بها جمعا من التتر مقدمهم تناون، وكانوا نقاوة المغل، فالتقى الفريقان في أرض أبلستين يوم الجمعة عاشر ذي القعدة من هذه السنة، فانهزم التتر وأخذتهم سيوف المسلمين، وقتل مقدمهم تناون، وغالب كبرائهم، وأسر منهم جماعة كثيرة، صاروا أمراء، وكان من جملة المأسورين في هذه الموقعة، سيف الدين قبجق، وسيف الدين أرسلان، وسنذكر أخبارهما إن شاء الله تعالى.
ثم سار الملك الظاهر بعد فراغه من هذه الوقعة إلى قيسارية، واستولى عليها، وكان الحاكم بالروم يومئذ، معين الدين سليمان البرواناه، وكان يكاتب الملك الظاهر في الباطن، وكان يظن الملك الظاهر أنه إذا وصل إلى قيسارية، يصل إليه البرواناه، على ما كان قد اتفق معه في الباطن، فلم يحضر البرواناه لما أراده الله من هلاكه، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. وأقام الملك الظاهر على قيسارية سبعة أيام في انتظار البرواناه، وخطب له على منابرها، ثم رحل عن قيسارية في الثاني والعشرين من ذي القعدة، وحصل للعسكر شدة عظيمة، من نفاذ القوت والعلف، وعدمت غالب خيولهم ووصلوا إلى عمق حارم، وأقاموا به شهراً، ولما بلغ أبغا بن هولاكو، ساق في جموع المغل حتى وصل إلى الأبلستين، وشاهد عسكره صرعى، ولم يشاهد أحداً من عسكر الروم مقتولاً، فاستشاط غضباً وأمر بنهب الروم، وقتل من مر به من المسلمين، كنهب وقتل