مرين، يقال لهم حمامة، من بين قبائل العرب بالمغرب، وكان مقامهم بالريف القبلي من إقليم تازة، وأول أمرهم أنهم خرجوا عن طاعة بني عبد المؤمن المعروفين بالموحدين، لما اختل أمرهم، وتابعوا الغارات عليهم حتى ملكوا مدينة فاس، واقتلعوها من الموحدين، في سنة سبع وثلاثين وستمائة، واستمرت فاس وغيرها في أيديهم في أيام الموحدين. وأول من اشتهر من بني مرين، أبو بكر بن عبد الحق بن محبو بن حمامة المريني، وبعد ملكه فاس، سار إلى جهة مراكش، وضايق بني عبد المؤمن، وبقي كذلك حتى توفي أبو بكر المذكور في سنة ثلاث وخمسين وستمائة.

وملك بعده أخوه يعقوب بن عبد الحق بن محبو، وقوى أمره، وحاصر أبا دبوس في مراكش، وملكها يعقوب المريني المذكور، وأزال ملك بني عبد المؤمن من حينئذ، واستقرت قدم يعقوب المريني المذكور في الملك، وبقي يعقوب مستمراً في الملك حتى ملك سبتة في هذه السنة، ثم توفي ولم يقع لي تاريخ وفاته.

وملك بعده ولده يوسف ابن يعقوب بن عبد الحق بن محبو، وكنية يوسف المذكور أبو يعقوب، واستمر يوسف المذكور في الملك حتى قتل سنة ست وسبعمائة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

وفيها وصل الملك الظاهر بعساكره إلى دمشق، وفيها عاد عمر بن مخلول أحد أمراء العربان إلى الحبس بعجلون، وكان من حديثه، أن الملك الظاهر حبسه بعجلون مقيداً، فهرب من الحبس المذكور إلى بلاد التتر، ثم أرسل يطلب الأمان، فقال الملك الظاهر ما أؤمنه إلا أن يعود إلى عجلون، وبضع القيد في رجله كما كان، فعاد عمر إلى عجلون وجعل القيد في رجله، فعفى عنه الملك الظاهر عند ذلك.

وفيها قويت أخبار التتر لقصد الشام، فجفل الناس، وفيها في جمادى الأولى، كانت ولادة العبد الفقير مؤلف هذا المختصر، إسماعيل بن علي بن محمود ابن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، بدار ابن الرنجيلي بدمشق المحروسة، فان أهلنا كانوا قد جفلوا من حماة إلى دمشق، بسبب أخبار التتر.

وفيها توفي الشيخ جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني النحوي، وله في النحو واللغة مصنفات كثيرة مشهورة، وفيها في ذي القعدة، توفي الأمير مبارز الدين أقوش المنصوري، مملوك الملك المنصور صاحب حماة، ونائب سلطنته، وكان أميراً جليلاً عاقلاً شجاعاً، وهو قبجاقي الجنس.

وفيها في يوم الاثنين ثامن عشر ذي الحجة، توفي الشيخ العلامة نصير الدين الطوسي، واسمه محمد بن محمد بن الحسين، الإمام المشهور، وكان يخدم صاحب الألموت، ثم خدم هولاكو، وحظي عنده، وعمل لهولاكو رصداً بمراغة وزيجا، وله مصنفات عديدة كلها نفيسة، منها إقليدس، تضمن اختلاط الأوضاع، وكذلك المجسطي، وتذكرة في الهيئة، لم يصنف في فنها مثلها، وشرح الإشارات، وأجاب عن غالب إيرادات فخر الدين الرازي عليها، وكانت ولادته في حادي عشر جمادى لأولى، سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وكانت وفاته ببغداد، ودفن في مشهد موسى الجواد.

ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وستمائة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015