وأرسل إلى السلطان محمود يسأله في توليته فلم يجب إلى ذلك، وولى على الموصل عماد الدين زنكي بن أقسنقر، فسار عماد الدين من بغداد ورتب أمر الموصل، وأقطع جاولي مملوك البرسقي المذكور مدينة الرحبة، ثم سار عماد الدين واستولى على نصيبين وسنجار وحران وجزيرة ابن عمر. وفيها ولي السلطان محمود شحنكية العراق لمجاهد الدين بهروز بعد مسير عماد الدين زنكي عنها إلى الموصل. وفيها توفي محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الفرضي الهمذاني صاحب التاريخ. وفيها توفي ظهير الدين إبراهيم بن سكمان صاحب خلاط، وملك بعده أخوه أحمد بن سكمان، وبقي عشرة أشهر، وتوفي أحمد المذكور؛ فحكمت والدة إبراهيم وأحمد المذكورين؛ وهي إينانج خاتون بنت أركمان؛ وأقامت في المملكة معها ولد ولدها؛ وهو سكمان بن إبراهيم بن سكمان؛ وعمره حينئذ ست سنين، واستبدت إينانج بالحكم حسبما تقدم ذكره في سنة ست وخمسمائة ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
ذكر ملك عماد الدين زنكي حلب كانت حلب للبرسقي وكان بها ولده مسعود، فلما قتل البرسقي وسار مسعود إلى الموصل استخلف على حلب أميراً اسمه قومار، كذا رأيته مكتوباً، وصوا به قيماز، ثم استخلف مسعود على حلب قتلغ بعد قيماز؛ فاستولى على حلب بعد موت مسعود على الرحبة كما ذكرنا، وأساء قتلغ السيرة، وكان مقيماً بحلب سليمان بن عبد الجبار بن أرتق الذي كان صاحبها أولاً، فاجتمع أهل حلب عليه لسوء سيرة قتلغ وملكوه مدينة حلب، وعصى قتلغ في القلعة؛ وسمع الفرنج باختلاف أهل حلب؛ فسار إليهم جوسلين فصالحوه بمال فرحل عنهم، وكان قد استقر عماد الدين زنكي في ملك الموصل؛ فأرسل عسكراً مع بعض قواده واسمه قراقوش إلى حلب ومعه توقيع السلطان محمود بالشام، فأجاب أهل حلب إليه، وتقدم عسكر عماد الدين إلى سليمان وقتلغ بالمسير إلى عماد الدين زنكي، فسار إليه إلى الموصل، فلما وصلا إلى عماد الدين زنكي أصلح بين سليمان وقتلغ ولم يرد واحداً منهما إلى حلب، وسار عماد الدين إلى حلب وملك في طريقه منبج وبزاغة، وطلع أهل حلب إلى تلقيه واستبشروا بقدومه، فدخل عماد الدين البلد ورتب أموره، ثم إن عماد الدين قبض على قتلغ وكحله فمات، وكان ملك عماد الدين زنكي حلب وقلعتها في المحرم من هذه السنة.
وفي هذه السنة سار السلطان سنجر من خراسان إلى الري ومعه دبيس بن صدقة، وكان قد سار إلى سنجر واستجار به، فلما وصل سنجر إلى الري أرسل يستدعي ابن