ومن هذا شرك كثير ممن يشرك بالكواكب العلويات، يجعلها مدبرة لأمر هذا العالم، كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم.

قلت: ويلتحق به من وجه شرك غلاة عبَّاد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت، فيقضون الحاجات، ويفرِّجون الكربات، وينصرون من دعاهم، ويحفظون من التجأ إليهم ولاذ بحماهم، فإن هذه من خصائص الربوبية، كما ذكره بعضهم في هذا النوع.

القسم الثاني: الشرك في توحيد الأسماء والصفات، وهو أسهل مما قبله، وهو نوعان:

أحدهما: تشبيه الخالق بالمخلوق، كمن يقول: يد كيدي، وسمع كسمعي، وبصر كبصري، واستواء كاستوائي، وهو شرك المشبِّهة.

الثاني: اشتقاق أسماء للآلهة الباطلة من أسماء الإله الحق.

قال الله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180]. قال ابن عباس: يلحدون في أسمائه: يشركون. وعنه: سموا اللات من الإله، والعُزَّى من العزيز.

القسم الثالث: الشرك في توحيد الإلهية والعبادة.

قال القرطبي: أصل الشرك المحرم اعتقاد شريك لله تعالى في الإلهية، وهو الشرك الأعظم، وهو شرك الجاهلية، ويليه في الرتبة اعتقاد شريك لله تعالى في الفعل، وهو قول من قال: إن موجودًا ما غير الله تعالى يستقل بإحداث فعل وإيجاده وإن لم يعتقد كونه غلهًا هذا كلام القرطبي. وهو نوعان:

أحدهما: أن يجعل لله ندًا يدعوه كما يدعو الله، ويسأله الشفاعة كما يسأل الله، ويرجوه كما يرجو الله، ويحبه كما يحب الله، ويخشاه كما يخشى الله، وبالجملة فهو أن يجعل الله ندًا يعبده كما يعبد الله، وهذا هو الشرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015