زمان ومكان، وما أكثر المستجيبين لهم! ولله در خليله إبراهيم - عليه السلام - حيث قال: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35].
وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر إلاَّ من جرَّد توحيده لله، وتقرب بمقتهم إلى الله». انتهى كلامه رحمه الله.
فتأمل رحمك الله كلام هذا الإمام، وتصريحه بأن من دعا الموتى وتوجه إليهم واستغاث بهم ليشفعوا له عند الله فقد فعل الشرك الأكبر الذي بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - بإنكاره وتكفير من لم يتب منه وقتاله ومعاداته، وأن هذا قد وقع في زمانه، وأنهم غيّروا دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعادوا أهل التوحيد الذين يأمرونهم بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له» (?).
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله، وهو يتحدث عن حال المشركين مع آلهتهم:
«إذا تبين هذا فاعلم: أن الشرك ينقسم ثلاثة أقسام بالنسبة على أنواع التوحيد، وكل منها قد يكون أكبر وأصغر مطلقًا، وقد يكون أكبر بالنسبة إلى ما هو أصغر منه، ويكون أصغر بالنسبة إلى ما هو أكبر منه.
القسم الأول: الشرك في الربوبية، وهو نوعان:
أحدهما: شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون. إذا قال: وما رب العالمين؟ ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته، وأنه لم يكن معدومًا أصلاً، بل لم يزل ولا يزال، والحوادث بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها، يسمُّونها: العقول، والنفوس ...
النوع الثاني: شرك من جعل معه إلهًا آخر ولم يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته، كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة، وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور وحوادث الشر إلى الظلمة.