مسألة ابن كنانة؛ إنما هو فيما لم يقصده المتعدي بالعداء، والضمان في مسألة الكتاب؛ إنما هو فيمن قصده بالتعدي حيث أوقد النار حين هبت الريح، ولا يلزم من عدم ضمان المتعدي فيما لم يقصده بالتعدي عدم ضمانه فيما قصد به، وجواب ابن كنانة هو مقتضى نقل اللخمي عن المذهب، خلاف مقتضى نقل أبي حفص عن المذهب.
وذلك أن في كتاب الدور من «المدَوَّنة»: وإن اشترط رب الدار على مكتريها أن لا يوقد فيها ناراً فأوقد المكتري فيها ناراً لخبزه فاحترقت الدار؛ ضمن.
قال اللخمي: إن احترقت هي وغيرها، ضمن الدار المكتراة فقط، إذا كان الوقيد على صفة، لو أذن رب الدار فيه لم يكن لمن يليه في ذلك مقال؛ لأن المتعدى عليه هو من حقه، وإن كان على صفة يكون لجاره منعه ضمن جميع ما أحرق.
وقال عبد الحق: قال بعض شُيُوخنا القرويين: إن احترقت دور جيرانه فهو ضامن؛ لأن سبب هذا فعل لا يجوز له، وإن كان مما يجوز له لولا الشرط الذي شرط عليه، كقوله: فيمن يحفر بئرا ًفي داره للسارق أنه يضمن ما سقط فيها من سارق وغيره؛ لأن فعله مما لا يجوز له.
ومثله نقل أبو حفص العطَّار، وهذا الأصل مباين لأصل مسألة حريم البئر فتأمله.
ابن شاس: ومن سقط ميزابه على رأس إنسان لم يضمنه، وكذا الظلة والعسكر.
قُلتُ: هو قولها مع غيرها، وما أشرع الرجل في طريق المسلمين من ميزاب أو ظلة أو حفر بئر أو سرباً للماء أو للريح في داره أو أرضه، أو حفر شيئاً مما يجوز له في داره أو في طريق المسلمين بئراً للمطر، أو مرحاضاً يحفره إلى جانب حائطه؛ فلا غرم عليه ما عطب في ذلك كله.
وفيها: والحائط المخوف إذا شهد على ربه، ثم عطب به أحد فربه ضامن.
وفيها: وإن لم يشهدوا عليه لم يضمن.
قُلتُ: فإذا لم يضمن في المائل لعدم الإشهاد، فأحرى في غير المائل.
الصقلي لمحمد عن أشهب: إن بلغ ما يجوز لربه تركه لشدة ميله والتغرير به،