الأندلسيين فيما كان على وجه الأدب أو فعل ما يباح له ممن يجوز له ذلك على الوجه الذي أبيح، وحيث أبيح كالحاكم، وضارب الحد، والمؤدب، والأب، والزوج، والخاتن، والطبيب هل يدخلها الاختلاف؟ هل هو على حكم الخطأ؟ أو على شبه العمد؟ وإلى هذا التخريج ذهب الباجي.
وقيل: إن كان إنما فعل من ذلك ما يجوز له، ولم يتعمد غلطاً، فهي كمسألة اللعب يدخلها ما فيها من الخلاف، وإليه ذهب شيخنا القاضي أبو الوليد.
الشَّيخ: قال مالك في المجموعة: وإن أمره عبد أن يختنه، أو يحجمه، أو يقطع عرقه ففعل؛ فهو ضامن ما أصاب العبد في ذلك إن فعله بغير إذن سيده، علم أنه عبد أو لم يعلم.
وفي حريم البئر منها: ومن أرسل في أرضه ناراً أو ماء، فوصل إلى أرض جاره فأفسد زرعته، فإن كانت أرض جاره بعيدة يؤمن أن يصل ذلك إليها، فتحاملت النار بريح أو غيره فأحرقت؛ فلا شيء عليه، وإن لم يؤمن وصول ذلك لقربها؛ فهو ضامن وكذا الماء، وما قتلت النار من نفس فعلى عاقلة مرسلها.
وشبه بها ابن رُشْد سمَاع محمد بن خالد ابن القاسم: في رجل طبخ سكراً في قدر سترها عن الناس بقصب، وكان صبي خلف القصب نائماً لا علم للطابخ به ففارت القدر بما فيها، فأصاب الصبي ما خرج منها؛ لا شيء عليه.
الصقلي عن سَحنون: وما قتلت النار ينظر فيه على من يجوز له، ومن لا يجوز له.
قُلتُ: يريد سقوط الدية عن العاقلة الأول، وثبوتها على عاقلة الثاني.
قال: وقال أشهب: ولو كانوا لما خافوا على زروعهم قاموا لردها، فأحرقتهم فديتهم هدر لا على عاقلة، ولا على غيرها.
قال ابن عبد السلام: سئل ابن كنانة عمن أشعل ناراً في حائط رجل، فتعدوا النار غير ذلك الحائط فتحرقه من زرع أو حائط أو مسكن أو غيره، فقال: عليه غرم ما أشعل فيه من ذلك، فأما ما عدت النار فيه فأحرقته؛ فلا غرم عليه فيه.
قال: فقد يؤخذ من هذا الجواب خلاف في هذا الأصل، ويرد بأن عدم ضمانه في