وبثبوت رائحته، أبو عمر: الحد بالرائحة، قول عمر وعثمان وابن مسعود، وهو قول مالك، وجمهور أهل الحجاز.
وذكر ابن قتيبة في كتاب الأشربة، وطائفة من أصحاب أبي حنيفة: أن مالكاً انفرد بالحد بالرائحة، وأنه ليس له في ذلك سلف، وهذا جهل أو تجاهل ومكابرة.
قال ابن القُصَّار: صفة الشاهدين بالرائحة أن يكونا ممن خبرا شربها، إما في حال كفرهما أو شرباها في إسلامهما، وحدا ثم تابا حتى يكونا ممن يعرف الخمر بريحها.
قال الباجي: هذا معدوم.
وقيل: ولو لم تثبت إلا بشهادة من هذا صفته لبطلت الشهادة في الأغلب، وقد يكون ممن لم يشربها قط يعرف رائحتها بأن يخبر عنها المرة بعد المرة حتى يعرفها.
قُلتُ: في ثبوت العلم بالرائحة بالخير بعد والحق إداركها لمن لم يكن قط شربها برؤيته من شربها، ومن يسرقها من مكان إلى مكان وبرؤيته إياها مراقة على من اطلع عليه بها، وإدارك هذا عادة ضروري.
الباجي: وعدد من يشهد به إن كان الحاكم أمر بالاستنكاه، فقال ابن حبيب عن أَصْبَغ: يستحب أن يأمر شاهدين، فإن لم يكن إلا واحد وجب الحد، وإن لم يأمرهم الإمام لم يجز أقل من اثنين.
وروى ابن وَهْب: إن لم يكن مع الحكم إلا واحد رفعه إلى من هو فوقه، وقول أَصْبَغ عندي بناء على أن الحاكم يحكم بعلمه، فإذا أمر فكأنه مستنابه، وإن اختلف فيه الشهود فقال بعضهم: هي رائحة مسكر، وقال بعضهم هي رائحة غير مسكر، فقال ابن حبيب: إن اجتمع منهم اثنان على أنها رائحة مسكر حد، وإن شك الشهود في الرائحة، فإن كان من أهل السفه نكل، وإن كان من أهل العدل خلي سبيله، سمع ابن