قدم، ولا تعاد البينة.
وعن سحنون: قد يحكم على الغائب بأنه قتل ببينة فلانًا خطًأ؛ فإنه يقضي على العاقلة بالدية لأوليائه، والعاقلة غائبة.
وظاهر سماع عيسى ابن القاسم: أنه يسمع بينته بدينه على الغائب، ولا يقضي له؛ لأنه سئل عن من ثبت له حق على غائب عند القاضي؛ ويريد الخروج في ذلك، أو يوكل أستحلفه، قال: يستحلفه خرج، أو وكل أنه ما اقتضى، ولا أحاله، ولا قبضه بوجه من الوجوه، ثم يكتب له، وقال أصبغ عن ابن القاسم.
ابن رشد: قيل: ليس على الإمام أن يستحلفه خرج أو وكل، ويكتب له دون يمين؛ لأنه يقول للإمام: لا تحلفني، فلعله لا يدعي على أنه قضاني شيئًا منه، وهو ظاهر ما في رسم حمل صبيًا من سماع عيسى من كتاب البضائع، وما في نوازل أصبغ عنه: فإن كتب لوكيله على هذا القول، ولم يستحلفه، فطلب الغريم، فادعى أنه دفع لموكله دينه أو بعضه، فإن قربت غيبته على مسيرة يومين ونحوهما أخر حتى يذهب إليه؛ فيحلف، وإن بعدت غيبته؛ لم يؤخر، وقضي عليه بالدين، وهو نص محمد بن عبد الحكم، ومعنى قول ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب البضائع فيمن وكل رجلًا على طلب عبد له في بلد آخر، فيقيم البينة أنه لمن وكله أن الإمام لا يقضي له حتى يحلف الموكل ما باع ولا وهب، فإن قرب أمر أن يأتي به، فيحلف، وإن بعد؛ كتب لإمام بلده الذي ثبت عنده توكيله، فأمره أن يحلفه، فإن أتاه جواب كتابه أنه أحلفه؛ قضى به لوكيله، ولا يقضي لوكيله بالدين حتى يكتب إليه، فيحلفه في موضعه الذي هو فيه، وفرق بعض المتأخرين بين المسألتين بأن اليمين في مسألة العبد من تمام الشهادة، فهى يمين يوجبها الحكم.
وفي مسألة الدين: ليس اليمين من تمام الشهادة، ولا مما يوجبه الحكم، وحمل ابن أبي زيد المسألتين بعضهما على بعض، وهو بين من قول أصبغ.
لابن حبيب: حكي عنه في مسألة العبد: أنه يقضي به الوكيل في غيبة الموكل إن بعدت، ففي وقف القضاء على حلف ثالثها: في العبد لا في الدين.