كتب بها القاضي من شهادة البينة بها، وحضور المشهود عليه مطلقًا، ولو في الربع ومنعه ثالثها: إلا في الآبق؛ لأن من تمام البينة بها بعض صفته محله، وهو فيه متعذر، ورابعها: إلا من يدعي الحرية، أو ما كان بيد حائز يدعي ملكه ريعًا كان أو غيره، لفضل عن ابن القاسم مع أشهب وابن رشد عن جميع أصحاب مالك إلا ابن كنانة وابن دينار، وله عن ابن كنانة، وابن دينار، ولفضل عنه.
وإذا ثبت هذا، والمحكوم عليه حاضر؛ استقام حمل كلام ابن الحاجب على الحكم به، والمحكوم عليه غائب؛ لأن كل ما حكم به على الحاضر؛ استأجر ذكر الخلاف في الحكم به، والمحكوم عليه غائب، ولما تقرر في كلامهم في الحكم على الغائب انقسامه إلى حكم عليه في غير الربع، وإلى حكم عليه في الربع، وجب حمل كلام ابن الحاجب على القسمين، وامتنع حماه على غير ذلك؛ لصلاحيته لهما دون غيرهما.
وقول ابن هارون معناه: أن المحكوم به إذا كان غائبًا هل يعتمد على الصفة في القضاء به أم لا؟ إلى قوله قال ابن القاسم وسحنون: يحكم فيه بالصفة، وهو مذهب المدونة ظاهره أو نصه: أن قول ابن القاسم وسحنون والمدونة: أن القاضي يقضي بالشهادة المتعلقة بالشيء حال غيبته باعتبار صفة حال غيبة المقضي به عن القاضي الحاكم به، وحال غيبة المقضي عليه مثل أن يدعى رجل بتونس آبقًا بالقيروان، أو عبدًا بيد رجل بها، ويقيم عند قاضي تونس بينة به باعتبار وصفه الآبق، وباعتبار صفة العبد الكائن بيد الرجل، وباعتبار اسمه ونسبه وصفته، فعلى المشهور في هذه المسألة؛ يسمع منه قاضي تونس بينته بذلك، ويكتب له بسماعها وعدالتها لقاضي القيروان، فإن ذهب به، وأثبته عنده، ووجد الآبق، قد قلت: واستقر بالإسكندرية، ووجد الرجل والعبد بيده، انتقلا إلى الإسكندرية؛ فالواجب على ظاهر أكثر الروايات، وأقوال المذهب: أن قاضي القيروان يكتب بما ثبت عنده من كتاب قاضي تونس إلى قاضي الإسكندرية، ولا يحكم لحامل الكتاب بما كتب له به قاضي تونس، وعلى ما فسر به ابن هارون كلام ابن الحاجب يقضي قاضي القيروان لحامل الكتاب، وينفذ الحكم له النص قولة: إن المحكوم به إذا كان غائبًا، فقول ابن القاسم وسحنون: أنه يحكم فيه بالصفة، فإن قلت: إنما