الغيبة هي التي يقضي فيها عليه عنده في الدين والحيوان والعروض دون الرباع والأصول التي تكون فيها الحجج، ومثله سماع أصبغ ابن القاسم، وترجى الحجة عند مالك له، فإن جرح البينة التي حكم عليه بها بإسفاه أو عدوه؛ رجع فيما حكم به عليه من حيوان أو عرض، وفيما قضي عنه من دين، ولا يرد ما بيع عليه فيه.

وقال سحنون بقول ابن الماجشون: أنه يقضي عليه في هذه الغيبة في الرباع وغيرها، ولا يرجع في شيء من ذلك عندهما بتجريح البينة التي حكم عليه بها بعداوة أو أسفاه إلا أن يظهر أنهم عبيد، أو غير مسلمين، أو مولى عليهم، فيرجع فيما قضى به عليه، ولا يرد ما بيع عليه لقضاء ذلك الدين؛ لأنه بيع بشبهة، فعلى قولهما؛ يوكل للغائب وكيل يحتج عنه ويعذر إليه، ولا ترجى له حجة.

المازري: في الحكم على الغائب في العقار قولان، ثم قال: ومقدار المسافة التي يحكم فيها على الغائب مصروفة إلى الاجتهاد، ووقع لسحنون الإعذار لمن بصقلية، ووقع في رواية أخرى: يحكم على الغائب، ولو قربت غيبته إلا أن يقرب جداً.

قلت عن سحنون: الإعذار لمن بصقلية؛ يعني من القيروان، قاله في النوادر، ونقله في رواية أخرى يحكم على الغائب، ولو قربت غيبته يوهم أنها عن مالك أو سحنون لقوله أخرى بعدما نقله عنه، ويوهم أنها مطلقة، وهي في النوادر عن أصبغ في غير العقار.

ابن حارث: اتفقوا في إجازة الحكم على الغائب في الديون والعروض، واختلفوا في الرباع؛ فروي ابن القاسم: لا يحكم على غائب في الرباع.

قال ابن حبيب: فأعلمت ابن الماجشون برواية ابن القاسم فأنكرها وقال: لا يقول هذا مالك، وما هو مذهبه، ولا مذهب أصحابه، وذكر عن أصبغ: أنه يحكم عليه في الربع في الغيبة البعيدة المنقطعة.

قلت: ظاهرة: أنها عنده ثلاثة أقوال، وظاهره: ما تقدم لابن رشد أن الخلاف في الحكم عليه في الربع؛ إنما هو في استحقاقه فقط لا في بيعه عليه في دين في دين ثبت عليه، وهو مقتضى قول غير واحد في بيع أصوله في نفقة زوجته، وتقدم الخلاف بين الشيوخ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015