عيسى بن دينار مثل قول مطرف، وإن ابن بشر حكم به، وكتب به إلى قضائه، وذكر بعض ما قدمناه عن فضل، وما ذكره من الإجماع على نظر القاضي بين الخصمين فيما تداعياه غائباً عن بلد القاضي من الأموال خلاف ما تقدم لابن حبيب.

قلت: ومثل ما أخذوه من كتاب القسم يقوم من قولها في الشفعة: وإن كان الدار بغير البلد الذي هما فيه؛ فهو كالحاضر مع الدار فيما نقطع إليه الشفعة، ولا حجة للشفيع؛ إذ لا ينفذ حتى يقضيها لجواز النقد في الربع الغائب، ويقول ثاني عتقها: من ادعي بيد رجل عبداً أو عرضاً، وذلك كله غائب، وأتى ببينة تشهد أن ذلك له، فإن وصفته وعرفته وحلفه؛ سمعت البينة، وقضيت له بها.

والقضاء على الغائب: سمع ابن القاسم فيه: قال مالك: أما الدين؛ فإنه يقضي عليه فيه، وأما كل شيء فيه حجج؛ فلا يقضي عليه.

قال سحنون: والدين يكون فيه الحجج.

ابن رشد: مذهب مالك: إن قربت بينته؛ كمن على ثلاثة أميال كتب إليه، وأعذر إليه في كل حق؛ إما وكل أو قدم، فإن لم يفعل حكم عليه في الدين وسع عليه ماله من أصل وغيره، وفي استحقاق العروض والحيوان، والأصول، وكل الأشياء من طلاق وعتق وغيره، ولم ترج له حجة في شيء، وإن بعدت غيبته، وانقطعت كالعدوة من الأندلس، ومكة من إفريقية، والمدينة من الأندلس وخراسان؛ حكم عليه في كل شيء من حيوان، وعرض ودين، والرباع والأصول، ورجيت حجته في ذلك.

زاد في أجوبته: هذا التحديد في القرب والبعد؛ إنما هو مع أمن الطريق، وكونها مسلوكة، وإن لم يكن كذلك؛ حكم عليه، وإن قربت غيبته، ومن خلف البحر في الجواز القريب المأمون؛ كاليوم الواحد المتصل إلا في الأمد الذي يمنع فيه ركوبه، فالقريب فيه في حكم البعيد.

قال في البيان: والغائب في هذا السماع هو ذو مسيرة عشرة أيام وشبهها؛ لأن هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015