بأكثر من قيمة الأول، وإن باعه بمثل قيمة الأول أو أقل لم يضمن شيئاً، وكان رأس المال ما باع به الثاني، وقبله الصقلي وعبد الحق وغيرهما وهو وهم؛ لأن قول الشَّيخ: لم يضمن شيئاً؛ يدل على أن قول ابن حبيب يقتضي ضمانه، وليس كذلك لاستحالته في بيعه الثاني بمثل قيمة الأول، إذ ليس هناك شيء يضمن، ولانتفائه في بيعه الثاني بأقل من قيمة الأول؛ لأن تصرفه في بيعه الثاني إنما هو بمقتضى عمل القراض، والمقارض لا يضمن دون تعد بحال وإنما ضمنه نقص قيمة الأول فقط لتعديه وفي بيعه بعوض، وقوله: وكان رأس المال ما باع به الثاني، يرد بأنه إن جعل ابتداء العمل للقراض من يوم نض ثمن الثاني لا الأول لزم كون رأس المال ثمن الثاني مطلقاً وإلا لزم كون ثمن الأول مطلقاً.
وقال التونسي: انظر إن كانت قيمة الأول يوم باعه مائة، وقيمة العرض الثاني ثمانون فباعه بها وتجر بها فصارت مائة، والناس يتغابنون فيما يسوى مائة أن يباع بعرض يسوى ثمانين، فكيف يصح أخذ رب المال المائة ولا يأخذ العامل شيئاً وهو باع بما يتغابن الناس به، وكيف إن تجر بالثمانين فصارت مائتين إن قسم الربح على أن رأس المال مائة أضررت العامل، وإن قسم على أن رأس المال ثمانين فليس قيمة سلعته التي أخرج.
قُلتُ: حاصل ما آل استشكاله إيجاب رأس المال ثمن الثاني؛ لأنه السالم عن ضرر رب المال والعامل، وبقى ضمانه ما نقص عن قيمة الأول؛ لأن تصرفه قبل ثمن الثاني إنما هو بحكم القراض دون محاباة فلا يوجب عليه ضماناً، ونحو هذا تقدم للشيخ.
اللخمي: إن كان قال له: بعه بعين؛ فباعه بعرض خير، ربه إن أجاز فعله كان الجواب كالأول، وإن ضمنه قيمة الأول فربح الثاني وخسارته للعامل وعليه وفيما تجر في ثمنه قراض المثل إلا أن يكون ثمن الثاني أكثر من قيمة الأول فربح الزائد، وخسارته للعامل وعليه، وقال ابن حبيب: رأس المال الأكثر من قيمة الأول وثمن الأول وثمن الثاني، وله أجره في بيع الأول لا الثاني.