أو يقول له: كلف من يبيعه ويأتيك بالثمن اجعله قراضاً جاز، فإن دخلا على رد مثل رأس المال أو قيمته ثم عمل بثمن العرض فله أجر مثله في بيعه.
وفي كون الواجب له في عمله أجر مثله ثالثها: أو قراض مثله إن جعلا رأس المال مثل المدفوع أو قيمته وأرى له في بيعه جعل مثله وفي ثمنه قراض مثله؛ لأن الدخول على وجه القراض دخول على وجه الجعالة وفاسدها يرد لصحيحها، ولو باع العرض المقبوض بعرض والثاني بعين فأصل ابن القاسم أنه أجير في بيعهما وفي الثمن قراض مثله، وقال ابن حبيب: رأس المال قيمة الأول وله أجر مثله في بيعه ولا وجه له؛ لأن القيمة قبل بيعه، وبيعه داخل في القراض.
قُلتُ: هذا التعقب أشار إليه التونسي بقوله: إذا وجب كون القيمة رأس المال فلماذا جعل له أجره في بيعه؟
وقول اللخمي: لأن القيمة قبل بيعه ... الخ، خلاف تقرير الصقلي قول التونسي: يريد: لأنه متعد في بيعه بعرض فيجب أن لا أجر له في بيعه، وتعليل اللخمي يرد بإبطال قوله: أن القيمة قبل بيعه، ودليله أن القيمة إنما وجبت بدلاً عن الثوب لفوته، وفوته متأخر عن بيعه فالقيمة متأخرة عن بيعه بمرتبتين، وتقرير الصقلي يرد بأن التعدي على بيع مال الغير إن كان مع عدم الدخول على عرض كبيع مال الغير دون إذنه منع ثبوت الأجر على بيعه، وأما إن كان مع الدخول عليه فهذا لا يمنع ثبوت الأجر على بيعه، والمتعدي في القراض دخل على عوض ولا يوجب الفساد حرمانه كما في القراض الفاسد المحكوم فيه بأجر المثل، والعامل هنا أتى بالعمل الموجب للعوض، وهو بيع العرض وتعدى في عوضه، وهو الثمن عيناً وقدره غير محدود فوجب الرجوع فيه بقيمة العرض، إذ هو ثمنه المرجوع إليه عند تعذر ثمنه، وإذا ثبت إتيان العامل بالعمل المدخول فيه على عوض لزم ثبوت العوض؛ لانتفاء المانع له؛ لأن المانع من الأجر إنما هو التعدي العري عن الدخول على أجر، ولأبي عمران ما يفهم منه نحو هذا.
وقال الشَّيخ في قول ابن حبيب: رأس المال قيمة العرض الأول، هذا إن باع الثاني