الباجي: يجوز شرط كل الربح لأحدهما في مشهور مذهب مالك، وإن أريد إدخاله على أنه قراض قيل: عقد على التجر بمالٍ لعوض ليس من غير ربحه، وقال ابن الحاجب: هو إجارة على التجر بمال بجزء من ربحه، وأبطل طرده بمدلول لفظ من قال لرجل: أجرتك على التجر لي بهذه المائة سنة بنصف ربحها.

قال ابن عبد السلام: وأجيب بأن معنى القراض هو الإجارة على الصفة المذكورة، ولكن هذا المعنى لا ينعقد بكل لفظ؛ بل لفظ القراض وغيره من الألفاظ التي ذكرها الفقهاء وانعقاده بها ليس من تصوره إنما هو من أحكامه فيرجع ذلك إلى التصديق والكلام في التصور، وبهذه الطريقة يندفع كثير من (الأسولة) عن التعريفات فتأمله.

قُلتُ: حاصله أنه جعل صورة النقض من حقيقة القراض فيبطل كونها نقضًا ضرورة، وإليه الإشارة بقوله: معنى القراض هي الإجارة المذكورة، وقوله: ولكن هذا المعنى إلخ؛ حاصله أنه جعل اعتبار اللفظ في القراض إنما هو من حيث الحكم عليه التصديقي، والكلام إنما هو في تعريفه، وذلك راجع لتصوره فلا اعتبار باللفظ فيه بحال.

قُلتُ: إلغاؤه اعتبار اللفظ في حقيقة القراض يرد بأن الحقائق الشرعية لما كانت جعلية كان اللفظ في بعضها معتبرًا فصار كذاتي لها بالجعل الشرعي أو اصطلاحه، فمعنى قارضت بنصف الربح وأجرت به متماثل من حيث كونه مدلولًا عليه فقط، ومن حيث الدلالة على الأول لا بلفظ الإجارة وعلى الثاني بلفظ الإجارة يختلفان، الأول قراض والثاني إجارة، هذا المقرر في اصطلاح الفقهاء ضرورة، فقوله: بلغو اعتبار اللفظ في حقيقة القراض والإجارة غير صحيح فالحق أن النقض وارد على لفظ ابن الحاجب، وقوله: وانعقاد القراض بلفظ القراض وغيره ليس من تصوره إنما هو من أحكامه فيرجع ذلك إلى التصديق، يرد بأنه لو سلم أنه من أحكامه لم يلزم رجوعه للتصديق؛ لأن الحكم أعم من كونه تقييديًا أو إسناديًا والأعم لا يستلزم الأخص، وهو جائز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015