قال ابن رشد: من سبق منهما للرجوع لقول صاحبه صدق، إن سبقت بالرجوع لقوله وجب لها كل المهر دون يمين أقام على قوله أو نزع عنه، وإن سبق بالرجوع لقولها: سقط عنه نصفه، ولا يمين عليه أقامت على قولها، أو نزعت، وقيل لها أخذ ما أقر لها به، وإن أقامت على إنكارها، وهو أحد قولي سحنون في نوازله من كتاب الاستحقاق، وقيل: لا يحكم لها بما أقر لها به، ولو رجعت لقوله، وصدقته إلا أن يشاء. قاله ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب الدعوى في الورثة، ولا فرق.
قلت: هو سماعه من ادعى على رجل مائة دينار وديعة فقال: بل هي قراض لك في ربحها خمسون فلم يقبلها استؤنى بها لعله يقبلها، فإن أبى تصدق بها، فإن مات فأحب وارثه أخذها فله ذلك إن أحب المقر دفعها إليه.
ابن رشد: في أخذه الخمسين دون رجوعه لتصديق المقر أو حتى يصدقه، ثالثها: هذا إن رضي المقر بدفعها له، لسحنون في كتاب الاستحقاق، ولأحد قوليه مع الآتي على ما لابن القاسم في الرهون منها، ولأشهب في إرخاء الستور منها، وظاهر قول ابن القاسم هنا فيه، وفي ارثه مع نص سماع عيسى من كتاب النكاح انتهى.
قلت: كذا وجدته في غير نسخة بزيادة فيه، وهو مشكل إذ ليس في السماع تخيير المقر إلا مع الوارث فقط، وسماع عيسى هو من تزوجت ولها ولد فولدت من هذا الزوج ولدا فمات الأول وطلب الزوج إرث ابنيه منه فزعمت أنها لم تلده، وأنه ولد كان لسيدها ترضعه، فأقام الزوج بينة أنه ابنها، ثبت إرث ابنه منه، فإن قالت بعد ذلك هو ابني لم يقبل قولها بعد إنكارها، وميراثها منه لكل من يرث الصبي ابنها وغيره.
ابن رشد: ليس للأم أن تستلحق ابنا، ولو لم يتقدم إنكارها إياه، ولا تستحق منه إرثاً باستلحاق، ولا ببينة بعد إنكارها، على هذا يحمل قوله، ولا يلتفت لما يدل عليه ظاهره من خلاف ذلك، وإذا بطل إرثها منه ورثه ورثته غيرها كمن لا أم له.
وقوله: (ميراثها منه لكل من يرثه ابنها وغيره) فيه نظر، لأن ابنها من الزوج أخ له لأمه فميراثه منه السدس فكيف يصح له أن يكون له من حظ أمه شيء فيرث أكثر من السدس، هذا غير صحيح، وإنما يصح قوله إن دخل الفريضة عول بميراث الأم ينتقض سدس ابنها، فإذا بطل ميراثها تم له سدسه إن ارتفع العول أو ما يجب له من