عياض: أكثر الشيوخ على أنه وفاق، لقولها في إرخاء الستور: إن ادعى من لم يعلم له بزوجته خلوة مسيسها وأنكرته، وقد طلقها لها النفقة، والسكني إن صدقته لكنه لأشهب، وهو محتمل وبينهما فرق بديع، ولابن القاسم في كتاب الرهون في اختلاف المتبايعين في تأجيل الثمن، يؤخذ المشتري بما أقر به حالاً، إلا أن يقر بأكثر مما ادعى البائع فلا يكون له إلا ما ادعى.
ثم قال في قولها في إرخاء الستور: إن لم تصدقه فلا نفقة لها ولا كسوة، أخذ الشيوخ من هذه وفاق ابن القاسم لسحنون في المسألة المتقدمة وبينهما فرق، وهو أن المهر حق مجرد اعتراف لها به في ذمته والنفقة والكسوة من توابع العدة، ولا تجب عليها إلا باعترافها فكيف تطلبه بهما، وهي تكذبه وتتزوج غيره.
قلت: تقريره الفرق بين الإقرار بحق لا يوجب على المقر له حقا، ولا يستلزمه وبينه موجباً له، ومستلزماً له، فالحكم بالأول دون موافقة المقر له لا يوجب إضراره أو وجود ملزوم دون لازمه، والحكم بالثاني دون موافقته يوجب إضراره بها في الحكم عليها بالعدة، والحكم لها بالنفقة دون الحكم عليها بالعدة حكم بثبوت الملزوم دون لازمه، وكلاهما غير صحيح، والحكم لها بكمال المهر مع تكذيبه لا يلزمه شيء من الأمرين.
ويرد تمسكهم بمسألة الرهون بالفرق بين نفي المقر له ما أقر له به بمجرد دعوى نفيه فقط وبين نفيه بدعوى ثبوت مضادة، فالأول غير معارض لإقرار المقر فيجب الحكم بإقرار المقر لسلامته عن المعارض كبينة بإثبات حق عورضت ببينة بإثبات ضده، فإنه لا يحكم بها، بل بالتي هي أعدل فحكم لها بكل المهر بإقراره به دون موافقتها، لأن الصادر منها مجرد نفي ما أقر به، وعدم الحكم للبائع بالزائد مع إقرار المبتاع بذلك لنفي البائع ما أقر له به بما يناقض إقرار المقر، لأن المبتاع أقر به مؤجلاً مع المزيد عليه، والبائع نفاه بإثبات مضاده، وهو حلول أجله، وعلى وفقه على تصديقها إياه.