وقال غوارة الخياط في أبي السمي المغني من أهل هذه الطبقة:
كأن أبا السمي إذا تغنّى ... يحاكي عاطساً في عين شمس
يلوك بلحنه طوراً وطوراً ... كان بلحنه ضربان ضرس
وقال اسحق بن إبراهيم الموصلي في ملاحظ جارية محسنة:
سأشرب ما دامت تغني ملاحظ ... وإن كان لي في الشيب عن ذاك واعظ
وفي بعض هذا القول مني مساءة ... وغيظ شديد للمغنين غائظ
ملاحظ غنينا بعيشك وليكن ... عليك لما استحسنته منك حافظ
فأقسم ما غنّى غناءك حافظ ... مجيد ولم يلفظ كلفظك لا فظ
قال اسحق بن إبراهيم الموصلي: الإيقاع من الغنا بمنزلة العروض من الشعر وإبراهيم الموصلي أوضح الإيقاع ولقّبه بألقابه وهو ثمانية أجناس.
ثقيل الأول وخفيفه، وثقيل الثاني وخفيفه، وهو الماخوري، والرمل الأول وخفيفه، والهزج وخفيفه.
وقال اسحق: الإيقاع هو الوزن ومعنى أوقع أي وزن ولم يوقع أي خرج من الوزن والخروج أبطآ عن الوزن أو سرعة. وقال فند الرومي: قول القائل هذا الصوت داخل في الوتر وخارج من الوتر فإنما يعني بذلك أنه داخل في العدد وخارج منه لأن من الحلوق ماهو مضطرب لا يقبل مقادير الإعداد والذي لا بد للمغني منه أربعة: النغم والإيقاع والقسمة والتأليف. وقال لأرسطاطاليس ربّما رأيت الرجل يحرك نحو الموسيقار بالأعضاء التي يتحرك بها الموسيقار. أفلا أرى بينهما فرقاً ولا خلافاً ولا تتقدم هذا حركة هذا. وقال اسحق: المغني الحاذق من تمكن من أنفاسه ولطف في اختلاسه وتفرع في أجناسه.
ويحتاج المغني إلى أربع خصال اثنتان له واثنتان عليه. فأما اللتان له فحسن الحلق وجودة الطبع.
فأما هذا فما لا حيلة لمخلوق في اكتسابه.
وأما اللتان عليه فالأداء والرواية.
فإن في طاقته أن يأتي بهذين.
تم المختار بحمد الله وعونه وحسن توفيقه. وصلّّى الله على سيدنا محمد وآله وسلم وشرف وكّرم.