التجارة بخلافه.

فإن قيل: لو كان الواجب أحد الشيئين، فإذا أدى أربعة أقفزة حنطة جيد تساوي خمسة أقفزة حنطة وسط ينبغي أن يجزئه عن الخمسة، ويجعل الحنطة بدلاً عن القيمة، وإن كانت الحنطة منصوصاً عليها كما في كفارة اليمين إذا أعطى ثوباً واحداً لعشرة مساكين تساوي خمسة أصوع من الحنطة ناوياً عن الحنطة، فإنه يجزئه عن الحنطة، وبالإجماع في مسألة أقفزة لا يجزئه إلا عن أربعة.

قلنا: إنما لا يجزئه عن الخمسة الأقفزة إذا قصد أداءها عن الخمسة الأقفزة الوسط؛ وهذا لأنه لما قصد أداء العين ظهر أن الواجب من الابتداء هو العين، فوقعت الأربعة بأجناسها عن نفسها لو وقع عن الباقي إنما يقع بالجودة، والجودة لا قيمة لها عند مقابليها بجنسها وقد قابل الجودة بجنسها حيث جعلها بدلاً عن الأقفزة الوسط، وقصد أداءها عن الوسط، حتى لو أدى أربعة أقفزة جيدة من الحنطة تساوي خمسة دراهم عن الدراهم تجزئة عن كل الواجب، وسقط عنه كل الواجب، هكذا ذكره الكرخي وعليه عامة مشايخنا، وإنه صحيح؛ لأنه ما قابل الجودة بالجنس، إنما قابلها بخلاف الجنس جعلها بدلاً عن الدراهم، وإن استهلك الحنطة بعد تمام الحول ثم تغير السعر، فالجواب فيه والجواب فيما إذا كانت الحنطة مائة وتغير السعر سواء لأن بالاستهلاك وجب المثل ديناً في الذمة، وتغير السعر يؤثر في المثل حسب تأثيره في العين، وكذلك الجواب في كل ما يكال أو يوزن أو تغير؛ لأن هذه (133أ1) الأشياء مضمونة بالمثل عند الإتلاف، وإن كان النصاب شيئاً هو ليس بمثلي كالثوب أو الجارية أو ما أشبهه، فاستهلكه بعدما تم الحول ثم تغير السعر إلى زيادة أو نقصان، فالجواب فيه عند أبي حنيفة، كالجواب في المثليات تعتبر القيمة يوم الوجوب، وعندهما تعتبر القيمة يوم الاستهلاك، فالتغير بعد الاستهلاك في غير المثليات.

والفرق لهما: أن المثليات غير معتبر حتى اعتبر القيمة فيها يوم الأداء، والتغير بعد الاستهلاك في غير المثليات معتبر عندهما، حتى تعتبر القيمة يوم الاستهلاك في غير المثليات.

والفرق لهما: أن المثليات بنفس الاستهلاك تنقل الحق من العين إلى المثل لا إلى القيمة وللمثل حكم العين، وسعر المثل قد يتغير، فيعتبر ما لو تغير سعر العين، ولو كان العين قائماً في يده، وتغير سعره لكان تعتبر قيمته يوم الأداء عندهما، فههنا كذلك.h

أما في غير المثليات ينتقل الحق إلى القيمة بالاستهلاك لا إلى المثل، كما في حقوق العباد والقيمة التي وجبت على صاحب المال لم تعتبر بما تعتبر العين، وحق الفقير في القيمة لا في العين، فاعتبرنا القيمة يوم الاستهلاك لهذا.

هذا الذي ذكرنا كله في فصل الحنطة إذا كان التغير من حيث السعر، فأما إذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015