الثاني الحاجة إلى ترك التجارة، وهو ترك التجارة حقيقة، فالنية اتصلت بالمنوي.

ثم اتفق أصحابنا أن من ملك ما سوى الدراهم والدنانير من الأموال بالشراء، ونوى التجارة حالة الشراء أنه يعمل بنيته، ويصير المشترى للتجارة.

واتفقوا أيضاً أنه لو ملك هذه الأعيان بالإرث ونوى التجارة وقت موت المورث لا تصير للتجارة، ولا تعمل نيته.

واختلفوا فيما إذا ملكها بالتبرع كالهبة والصدقة والوصية والخلع والصلح عن دم العمد، ونوى التجارة عند التمليك، قال أبو يوسف: تعمل نيته، وقال محمد: لا تعمل نيته، وقول أبي حنيفة كقول محمد، كذا ذكره بعض المشايخ.

فوجه قول محمد: أن المنوي هو التجارة، وهذه الأشياء ليست بتجارة فلم تتصل النية بالمنوي، فلا يعمل.

وجه قول أبو يوسف رحمه الله: إنه يملك هذه الأعيان بكسبه والتجارة ليست هي إلا الكسب، فيلحق هذا الكسب بكسب التجارة احتياطاً لأمر العبادة.

وذكر ابن سماعة عن محمد فيمن أجّر داره بعبد يريد به التجارة، فهو للتجارة؛ لأن الإجارة نوع تجارة؛ لأنها بيع المنفعة، فالنية اتصلت بالمنوي. وفي «المنتقى» : أن نية التجارة بالعقد المتزوج عليه باطلة، وهذا يجب أن يكون قول محمد.

واختلف المشايخ في أن نية التجارة في العرض هل تعمل؟ قال شيخ الإسلام في «شرح الجامع» : والأصح أنها لا تعمل؛ لأن العرض بمعنى العارية، فعلى ما عرف في موضعه، ونية التجارة في العواري ليست بصحيحة، وفي «الجامع الكبير» ما يدل على أن بدل منافع عين هو للتجارة لا يصير للتجارة بدون النية.

قال: رجل له دار لا مال له سوى الدار، ورجل له جارية للتجارة قيمتها ألف درهم، لا مال له سوى الجارية استأجر صاحب الجارية الدار عشر سنين بالجارية، وصاحب الدار يريد بالجارية التجارة، فإن الجارية عند صاحب الدار تكون للتجارة، فقد شرط نية التجارة من صاحب الدار في الجارية، لتصير الجارية للتجارة من غير فصل فيما إذا كانت الدار للتجارة أو لم تكن.

وفي «الأمالي» : جعل بدل منافع عين التجارة للتجارة من غير نية كبدل عين هو للتجارة، وكان فيه روايتان، واختلف المشايخ فيه أيضاً، وإنما اختلفوا لاختلاف الروايتين قال القدوري في «شرحه» : والعمال الذين يعملون للناس بأجر إذا اشتروا أعياناً للعمل بها، فحال الحول عليها عندهم، وكل عين يبقى له أثر في العين، بحيث يرى كالعصفر والزعفران، وما أشبهه ففيه الزكاة، وما لا يبقى له أثر في العين، فمعنى التجارة لا يتحقق من عينه؛ لأن العين تتلف من كل وجه، فلا يكون المأخوذ عوضاً عن العين، بل يكون عوضاً عن عمله، فلا يصير مال زكاة كالصابون والأشنان بحيث يرى فلا زكاة فيه؛ لأن ما يبقى أثره في العين، فمعنى التجارة يتحقق في عينه، لأن ما يأخذ الأجير من الأجر يأخذ عوضاً عن الأثر العام بالعين المعمول، ولهذا يكون له حق بنفس العين إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015