قلنا: هذا باطل؛ لأن النبي عليه السلام لم يأمرهم بالتيمم، ولو كان ترك الغسل لما ذكرتم من المعنى لأمرهم رسول الله عليه السلام بالتيمم، كما لو تعذر غسل الميت في زماننا لعدم الماء، وبأنه ما لم يعذرهم في ترك الدفن، ولا شك أن حفر التراب هو أشق من غسل الميت، فلما لم يعذرهم في ترك الدفن كان أولى أن لا يعذرهم في ترك الغسل، وكما لم يغسل شهداء أُحد لم يغسل شهداء بدر كما رواه عقبة ابن عامر رضي الله عنه، وهذه الضرورة لم تكن يومئذٍ.
وكذلك لم يغسل شهداء الخندق، وحنين وهذه الضرورة لم تكن يومئذٍ فظهر أنهم إنما لم يغسلوا؛ لأن الشهيد لا يغسل.
وأما حديث آدم صلوات الله عليه، قلنا: بلى الغسل سنّة الموتى من بني آدم وهذا شهيد والشهيد ليس بميت من كل وجه بل هو ميت من وجه.
وأما الكلام مع الشافعي رحمه الله في الصلاة عليه: حجته في ذلك ما روى جابر رضي الله عنه أن النبي عليه السلام: ما صلى على شهداء أُحد؛ ولأنه بصفة الشهادة يطهر من دنس الذنوب، والصلاة عليه شفاعة له ودعاء لتمحيص ذنوبه، وقد استغنى عن ذلك كما استغنى عن الغسل، ولأن الصلاة مشروعة على الميت دون الحي، وقد وصفهم الله تعالى بأنهم أحياء لقوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمرن: 169) ولنا ما روي أن النبي عليه السلام: صلى على شهداء أُحد، ولأن الصلاة على الميت لإظهار كرامته، ولهذا اختص به المسلمين، والشهيد أولى بهذه الكرامة.
وأما قوله من المعنى الأول: ليسن بصحيح؛ لأن درجته لا تبلغ درجة رسول الله عليه السلام، وما يقول من المعنى الثاني: أن الشهيد حي قلنا: نعم ولكن في حق أحكام الآخرة كما قال الله تعالى: {بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ} أما في حق أحكام الدنيا فلا، ولهذا يقسم ماله بين ورثته، وتتزوج امرأته بعد انقضاء العدة، والصلاة عليه من أحكام الدنيا.
وأما حديث جابر فتأويله لم يكن حاضراً حال ما صلى رسول الله عليه السلام عليهم، فقد روي أنه قتل أبوه وأخوه وخاله يومئذٍ، فرجع إلى المدينة ليدبر كيف يحملهم إلى المدينة؟ فلم يكن حاضراً حال ما صلى عليه السلام عليهم فروى ما روى لهذا.
ومن شاهد النبي عليه السلام، وشاهد صلواته عليهم. روي أنه صلى عليهم فقد روى بعضهم أن النبي عليه السلام: «صلى على حمزة سبعين صلاة» وتأويله أن حمزة كان موضوعاً بين يديه، وكان يؤتى بواحد واحد، وكان يصلي رسول الله عليه السلام عليه فظن الراوي أنه صلى على حمزة في كل مرة، فروى أنه صلى عليه سبعين صلاة.
جئنا إلى بيان الشرائط التي شرطناها لكون المقتول شهيداً أما كونه مكلفاً، فهو شرط عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما حتى أن الكفار إذا دخلوا قرية من قرى