يعيدوها حتى مضى الوقت وهم في ذلك المكان بعد أعادوها قضاء، وهذا ظاهر؛ لأنهم يقصرون صلاة فاتتهم في حالة الإقامة وهم مقيمون وقت القضاء.
وإن ارتحلوا عن ذلك المكان قبل أن يعيدوها يريدون السفر ثم أرادوا إعادتها، وهم في وقت الصلاة بعد أعادوها ركعتين؛ لأن المؤداة وقعت فاسدة، فكأنهم لم يصلوها حتى ارتحلوا عن مكانهم فأرادوا أن يصلوها وهم في وقت الصلاة بعد صلوا ركعتين؛ لأن العبرة لآخر الوقت وهم مسافرون في آخر الوقت، وإن أرادوا إعادتها بعد خروج الوقت أعادوها أربعاً؛ لأنهم يقضون صلاة فائتة في حالة الإقامة.
قال: ومن دخل دار الحرب بأمان وهو كأنه في دار السلام، إن نوى بموضع منها (96أ1) أن يقيم خمسة عشر يوماً أتم الصلاة؛ لأن أهل الحرب لا يتعرضون له متى دخل بأمان، فصار دار الحرب بعد الأمان، ودار الإسلام سواء، ومن أسلم منهم في دار الحرب، فلم يأسروه بل تركوه على حاله، أو لم يعلموا بإسلامه فهو في صلاته بمنزلة المسلم في دار الإسلام يتم صلاته إذا كان في منزله، فإن خرج من منزله قاصداً مسيرة السفر قصر الصلاة.
نوع آخر في بيان ما يصير المسافر به مقيماً بدون نية الإقامة
المسافر إذا خرج من مصره مسافراً ثم بدا له أن يعود إلى مصره لحاجة وذلك قبل أن يسير مسيرة ثلاثة أيام صلى صلاة المقيمين في مكانه ذلك، وفي انصرافه إلى المصر؛ لأنه فسخ عزيمة السفر بعزم الرجوع إلى وطنه قبل استحكام السفر وتأكده، فانفسخ من ساعته وبينه وبين المقصد أقل من ثلاثة أيام، فيصلي صلاة المقيمين في انصرافه بهذا، ولو كان قد سار مسيرة ثلاثة أيام ثم بدا له أن يعود إلى مصره صلى صلاة المسافرين؛ لأن حكم السفر قد تأتى، وتأكد باستكمال مدته فيبقى حكمه إلى أن ينعدم بالإقامة.
وكذلك لو خرج من مصره مسافراً ثم أحدث وانصرف ليأتي مصره، ويتوضأ وكان ذلك قبل أن يسير ثلاثة أيام ثم علم أن معه ماء، فإنه يتوضأ ويصلي صلاة المقيمين، وكذلك لو انصرف وذهب مكاناً، فوجد الماء خارج المصر يتوضأ، فإنه يصلي صلاة المقيمين لأنه فسخ عزيمة السفر قبل استحكامه على ما مر.
وكذلك إذا دخل وطنه الأصلي أو مصراً صار وطناً له بأن كان اتخذ فيه أهلاً صار مقيماً، وإن لم ينو مصر غيره لا في مصر نفسه؛ لأن مكثه ومقامه في مصر غيره متردد بين أن يكون لإمكان السير وبين أن يكون للمقام فيه، فإن كان لإمكان السير فهو من السفر وإن كان لإمكان المقام فيه، فهو من الأهلية، فاحتيج إلى النية لتعيين المكث، للإقامة لا لإمكان السير أما مكثه في مصره يتعين للإقامة؛ لأن قبل السير كان يمكث للإقامة وعنه هذا المقام يحتاج إلى بيان الأوطان.
فنقول عبارة عامة المشايخ في ذلك: أن الأوطان ثلاثة وطن أصلي وهو مولد