السجدة أولى في كونها قربة فكانت هي أولى؛ ولأن الركوع لافتتاح السجود، والسجدة هي الأصل، ولهذا لا يلزمه الركوع في الصلاة إذا كان عاجزاً عن السجدة، فإنما ينوب ما هو الأصل ثم اختلاف أن ركوع الصلاة لا ينوب بدون النية، وأما سجود الصلاة، هل ينوب بدون النية؟ اختلف المشايخ فيه، قال محمد بن سلمة وجماعة من أئمة بلخ رحمهم الله: لا تنوب ما لم ينو في ركوعه أو بعد ما يستوي قائماً أنه يسجد لصلاته، وتلاوته جميعاً، وغيرهم قالوا: النية فيها ليست بشرط وسجدة الصلاة تقع عن الصلاة والتلاوة بدون النية، وجه قول من قال النية ليست بشرط أنهما من جنس واحد، وإحداهما أقوى ... ومتى سجدة الصلاتية، فتدخل التلاوة فيه وإن لم ينوِ كصوم رمضان تنوب عن صوم الاعتكاف وإحرام الحج ينوب عن إحرام الدخول بمكة، وإن لم يوجد منه النية.
وجه من قال: بأن النية شرط أنهما اختلفا سبباً، فإن سبب الصلاتية الصلاة وسبب الأخرى التلاوة، وهما مختلفان، واختلاف السبب يوجب اختلاف الحكم، ثم قوله: إن شاء ركع لها، وإن شاء سجد لها قياس.
وفي الاستحسان: لا يجزئه الركوع عن سجدة التلاوة ولا سجدة الصلاة عن سجدة التلاوة نص على القياس والاستحسان في «الأصل» ، قال محمد رحمة الله عليه وبالقياس نأخذ، وجه القياس ما مر.
ووجه الاستحسان: أن السجدة أقوى من الركوع في معنى الخشوع فلا ينوب الركوع عن السجود، وكذا سجدة الصلاة لا تنوب عن سجدة التلاوة استحساناً كما لا تنوب إحدى سجدتي الصلاة عن الأخرى، من أصحابنا من قال هذا غلط من الكاتب والصحيح أنه يجوز استحساناً، لا قياساً، ومن أصحابنا من قال موضع القياس والاستحسان خارج الصلاة، يعني إذا قرأ آية السجدة خارج الصلاة وأراد أن يركع بدلاً عن السجدة يجوز قياساً، ولا يجوز استحساناً. وجه القياس ما مر.
ووجه الاستحسان: أن الركوع خارج الصلاة ليس بقربة والسجدة قربة وغير القربة لا ينوب عن القربة بخلاف الركوع في الصلاة؛ لأنه قربة فينوب عن السجدة قياساً واستحساناً.
الوجه الثاني: إذا كان بعد السجدة ثلاث آيات إلى آخر السورة أو كانت السجدة في آخر السورة وهو الوجه الثالث: أو كانت السجدة في وسط السورة، وهو الوجه الرابع: والحكم في هذه الوجوه كلها ما ذكرنا في الوجه الأول فلو أنه، في هذه الوجوه لم يركع لها ولم يسجد على الفور، ولكن قرأ ما بقي من السورة أو خرج إلى سورة أخرى وقرأ منها شيئاً آخر إن قرأ بعدها أنه ... يجزئة الركوع وسجدة الصلاة عن سجدة التلاوة.
أما إذا قرأ بعدها ثلاث آيات أو كانت السجدة في وسط السورة لم يجز الركوع عن