سجدة لصحة التلاوة من غير حجر، ولا يجوز أن يسجد في الصلاة؛ لأنها ليست فيها؛ لأن تلك التلاوة ليست من أفعال الصلاة حتى تكون السجدة صلاتية، فيكون إذا قالها في الصلاة وجبت كاملة، فلا ينادى بالنهي ولكن مع هذا لو سجدوا في الصلاة لا تفسد صلاتهم، لأن السجدة من أفعال الصلاة في ذاتها وفساد الصلاة بما هو من أفعال الصلاة لا يكون، وذكر في «النوادر» أنه تفسد صلاتهم؛ لأنهم تركوا الصلاة حين انتقلوا لها وزادوا في الصلاة ما ليس منها، والصحيح ما قلنا بدئاً؛ لأنهم ما تركوا الصلاة ولا أتوا بما ينقضها.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : إذا قرأ الإمام آية السجدة سمعها رجل ليس معه، ثم دخل الرجل في صلاة الإمام، فهذه المسألة على وجهين.
الأول: أن يكون اقتداؤه قبل أن يسجد الإمام، وفي هذا الوجه عليه أن يسجد مع الإمام؛ لأنه لو لم يكن سمع السجدة من الإمام قبل الاقتداء به كان عليه أن يسجد مع الإمام بحكم المتابعة، فإذا سمعها خارج الصلاة منه أولى أن يسجد معه، وإذا سجد مع الإمام سقط عنه لزمه بحكم سماعه قبل الإمام؛ لأنه لما اقتدى به صارت قراءة الإمام قراءة له، ألا ترى أنه لو أدرك الإمام حالة الركوع نابت عنه قراءة الإمام، وإن لم يكن مع الإمام حال قراءته، وإذا جعل قراءة الإمام قراءة المقتدي صار كأن المقتدي شرع في صلاة نفسه وتلا في صلاته ما سمع ثانياً، ولو كان هكذا سجد في الصلاة وسقط عنه ما وجب خارج الصلاة كذا ها هنا.
الوجه الثاني: إذ اقتدى به بعدما سجد فليس عليه أن يسجدها في الصلاة كيلا يصير مخالفاً للإمام وليس عليه أن يسجدها بعد الفراغ من الصلاة أيضاً، قالوا، وتأويل هذه المسألة إذا أدرك الإمام في آخر تلك الركعة يصير مدركاً للركعة من أولها، فيصير مدركاً بالقراءة وما تعلق بالقراءة من السجدة، فأما إذا أدرك الإمام في الركعة الأخرى كان عليه أن يسجدها بعد الفراغ؛ لأنه إذا أدرك الإمام في الركعة الأخرى لم يصر مدركاً للركعة التي قرأ فيها، فلم يصر مدركاً لتلك القراءة، ولا لما تعلق بتلك القراءة من السجدة فقد جعله مدركاً للسجدة بإدراك تلك الركعة، ونظير هذا ما لو أدرك الإمام في الركوع في الركعة الثالثة من الوتر في شهر رمضان يصير مدركاً للقنوت، حتى لا يأتي بالقنوت في الركعة الأخيرة، هكذا ذكر في «النوادر» .
ولو أدرك الإمام في الركوع في صلاة العيدين كان عليه أن يأتي بالتكبيرات ولا يصير مدركاً التكبيرات بإدراك تلك الركعة.
والأصل في جنس هذه المسائل: أن كل ما لا يمكنه أن يأتي به من الركعة في الركوع نحو التلاوة وقنوت الوتر، فبإدرك الإمام في الركوع في تلك الركعة يصير مدركاً لذلك، وكل ما يمكنه أن يأتي به من الركعة في الركوع كتكبيرات العيدين، فبإدراك الإمام في الركوع من تلك الركعة لا يصير مدركاً لها.