الخير لعلكم تفلحون} (الحج: 77) وهو تأويل الحديث، «فضلت الحج لسجدتين» أحدهما: سجدة التلاوة والأخرى سجدة الصلاة، وأما سجدة سورة «ص» ، فهي سجدة تلاوة.
وقال الشافعي رحمه الله: هي سجدة الشكر، لما روي أن النبي عليه السلام: «قرأ في خطبته سورة «ص» ، فتشزن الناس السجود، فقال عليه السلام «علام تشزنتم إنها توبة نبي» ، وعن النبي صلى الله عليه وسلّمأنه قال في السجدة «ص» «سجدها داود صلوات الله عليه للتوبة وخرّو نحن نسجدها شكراً» .
ولنا: ما روي أن رجلاً من الصحابة، قال: «يا رسول الله رأيت ما يرى النائم كأني أكتب سورة «ص» ، فلما انتهيت إلى موضع السجدة سجدت الدواة والقلم فقال عليه السلام نحن أحق بها من الدواة والقلم ما مر حتى تليت في مجلسه وسجدها مع أصحابه» ، وإنما لم يسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلّمفي خطبته ليبين لهم أنه يجوز التأخير، وروي «أنه سجدها في خطبته مرة» وهو دليل على أنه سجدها تلاوة، فإن ... عباده بها ... العبد، وجبت قطع الخطبة لأجلها، وما روي أنه سجدها داود عليه السلام توبة، ويخر شكر كونها سجدة تلاوة آلا وفيه معنى الشكر.
ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله: سببه وجوبها، فنقول لا خلاف أن التلاوة سبب لوجوبها، فإنها تضاف إلى التلاوة ويتكرر بتكررها، وأما السماع هل هو سبب؟ قال بعض المشايخ: إنه سبب، فإن الصحابة رضوان الله عليهم، قالوا: السجدة على من سمعها، كما قالوا: على من تلاها، ولأنه إنما وجبت على التالي؛ لأنه طلب منه بحكم أنه مخالفة للكفرة، وقد فهم من طلب منه فيلزمه، وكذا السامع.
والصحيح: أن السبب هو التلاوة، فإنها تضاف إليها دون السماع لكن السماع شرط، لتعمل التلاوة في حق غير التالي أما، ليس في الحديث بيان السبب فيه بيان الوجوب على السامع.
ولو تلاها بالفارسية، فعليه أن يسجدها وعلى من سمعها على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله، سواء فهم أو لم يفهم إذا أخبر له سجدة، وقال أبو يوسف رحمه الله: تجب على من فهم، ولا تجب على من لم يفهم؛ لأن عنده أنها تجوز بالفارسية إذا لم يقدر على العربية، فاعتبر تلاوة القرآن من وجه دون وجه، فأوجبها على من فهم دون من لم يفهم عملاً بالدليلين بقدر الإمكان.
فأما التلاوة بالعربية توجب السجدة على من فهم أو لم يفهم؛ لأنها تلاوة القرآن من