هذا الفصل يشتمل على أنواع:
الأول: في بيان صفتها وبين مواضعها، فنقول سجدة التلاوة واجبة عندنا، وعند الشافعي رحمه الله سنّة حجته في ذلك ما روي أن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قرأ آية السجدة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم يسجد لها زيد، ولم يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقال: «كنت إمامنا لو سجدت سجدنا معك» ، ولو كانت واجبة لما تركها زيد، ولما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلّمبترك زيد.
وحجتنا في ذلك: أن آيات السجدة دالة على الوجوب، فإن في بعضها أمراً بالسجود، وفي بعضها إلحاق الوعيد بتاركه وفي بعضها ما يستدل على إسكات الكفرة إنكار الكفرة عن السجود، والاحتراز عن التشبه بهم واجب، وفي بعضها إخبار عن فعل الملائكة وغيرهم والاقتداء بهم لازم؛ ولأنه يجوز قطع الفعل المفروض لأجلها وهو الخطبة، وهو دليل على كونها واجبة، والحديث محمول على الفور يعني لو سجدت للحال سجدنا معك، فإذا لم يسجد للحال سجدنا في أي وقت نشاء.6
وأما بيان مواضعها فنقول: موضع السجود معلومة في القرآن، والخلاف في موضعين، عندنا سجدة التلاوة في سورة الحج واحدة وهي الأولى، وعند الشافعي رحمه الله فيها سجدتان لحديث عقبة بن عامر قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «في الحج سجدتان أو قال: فضلت الحج لسجدتين من لم يسجدهما فلا يقرأها» ، وهو مروي عن عمر رضي الله عنه، ومذهبنا مروي عن ابن عباس رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنه، قالا: سجدة التلاوة في الحج هي الأولى، والثانية سجدة الصلاة وهو الظاهر، فقد قرنها الله تعالى بالركوع فقال: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا