في «فتاوى الفضلي» : ادعت مهرها على ورثة زوجها، وأنكر الوارث ذلك، فالقاضي يسأل عن مقدار مهر مثلها، ويذكر ذلك المقدار للورثة، ويقول: أكان مهرها كذا، فإن قالوا: لا، فالقاضي لا يصدقهم على ذلك ويقضي عليه بذلك المقدار؛ لأن ذلك القدر ثابت بحكم الظاهر، ويحلفهم على الزيادة، قال: وهو نظير ما لو أقر رجل بغصب مال، فالقاضي يقول: أهو درهم؟ فإن قال: نعم، فالقاضي يصدقه، ويقضي عليه بذلك ويحلفه على الزيادة كذا ههنا.

شاهدان شهدا على رجل بقرض ألف درهم، وشهد أحدهما أنه قضاها، وقال المدعي: لم يقضها، فالشهادة على القرض جائزة، ويقضي القاضي للمدعى عليه بالقرض، كذا ذكر في «الجامع الصغير» . وذكر الطحاوي عن أصحابنا رحمهم الله: أنه لا يقضى بالقرض؛ لأن الذي شهد بالقضاء لم يشهد بمال واجب في الحال. وجه ما ذكر في «الجامع الصغير» : أن القضاء لا يتصور إلا بعد سابقة الوجوب، فهما اتفقا على القرض والوجوب، فثبت ذلك باتفاقهما عليه، ثم تفرد أحدهما بالقضاء فلم يثبت القضاء.

سئل القاضي الإمام شمس الإسلام محمود الأوزجندي: عمن يدعي على رجل مالاً، وشهد له شاهدان بالمال وبقضائه، والمدعى عليه لا يدعي القضاء، قال: القاضي يقضي على المدعى عليه بالمال، وعلى قياس ما ذكره الطحاوي: ينبغي أن لا يقضى؛ لأنهما ما شهدا بمال واجب في الحال.

وفي «مجموع النوازل» : رجل ادعى عبداً في يدي رجل أنه له، ولم يقم البينة حتى باعه صاحب اليد من رجل بيعاً صحيحاً بمحضر من الشهود، ولم يسلم العبد إلى المشتري حتى أقام المدعي البينة على المدعى عليه، وقضى القاضي له بالعبد، فلو أن هذا المشتري باع هذا العبد من المدعى عليه أو وهبه منه جاز، وهذا هو الحيلة لدفع العبد إلى المدعى عليه.

هكذا ذكر المسألة في «مجموع النوازل» ، وما ذكر من المدعى عليه إذا أقام البينة أن العبد عبده اشتراه من المدعى عليه تقبل بينته، ويقضى بالعبد له خطأ لا وجه إلى تصحيحه؛ لأن المشتري يدعي تلقي الملك من جهة المدعى عليه، والمدعى عليه صار مقضياً عليه بالملك المطلق، والقضاء بالملك المطلق على إنسان قضاء عليه، وعلى من تلقى الملك من جهته، والإنسان متى صار مقضياً عليه في حادثة كيف يصير مقضياً له في عين تلك الحادثة؟ فقبول البينة من المشتري في هذه الصورة خطأ، وهكذا ذكر محمد رحمه الله في الباب الثاني من «دعوى الجامع» .

ادعى مال من أحدهما معلوم والآخر مجهول، والشهود شهدوا بالمالين جميعاً، لا شك أنه لا تقبل الشهادة على المجهول، وهل تقبل على المال المعلوم؟ اختلف المشايخ فيه.

الشهادة إذا قامت على الإثبات (248أ4) وفيها نفي، نحو أن يقول في باب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015