بيانه: أنه متى أوجبنا السعاية لا يرث؛ لأنه يكون بمنزلة المكاتب عند أبي حنيفة، والمكاتب عنده لا يورث، وإذا لم يرث تصح الوصية له ويعتق كله فيرث، وإذا ورث لا تصح الوصية له فصحت السعاية فلا تزال تدور هكذا، وسبيل الدور أن يطرح من حيث يقع، وإنما يقع الدور بإيجاب السعاية عليه، فلهذا قال: لا يسعى، فأما الجارية فإنها تعتق بموته، ولا سعاية عليها وإن ملكها في حالة المرض عندهم لأن المحتبس عندهما بالإعتاق مال غير متقوم في حق الغرماء والورثة؛ لأن أمومية الولد في حق الغرماء والورثة كما لو كان الاستيلاد معاشاً، فكان المحتبس عندهما بالإعتاق مالية متقومة؛ لأنه لم يحدث فيه قبل العتق ما يسقط قيمته في حق الغرماء فإنما احتبس عنده بالإعتاق مالية متقومة، وإنه معتق المرض، فيجب عليه السعاية كما لو أعتقه.
وزان مسألة أم الولد من مسألتنا ما لو ملكها في حالة المرض بدون الولد، وقال: إنها أم ولدي ثم مات، وهناك تسعى للغرماء والورثة إذا لم يكن معها ولد؛ لأنه لم يثبت بمجرد إقراره، ولا وجه إليه فاعتبر هذا في حق الغرماء والورثة بين اثنين، فكان المحتبس عندهما مالية متقومة، أما ههنا بخلافه.
قالوا: ولو أن مريضاً وهب له ابن معروف النسب منه ولا مال له غيره وعليه دين يحيط بقيمته، فعليه أن يسعى في جميع قيمته عندهم، لأنه معتق المرض وقد احتبس عنده مالية متقومة ولا وصية مع الدين، فكان عليه أن يسعى في جميع قيمته. وإن كانت قيمة الابن أكثر من الدين بأن كان الدين ألفاً، وقيمة الابن أربعة آلاف لا شك أنه يسعى بقدر الدين؛ لأنه لا وصية في مقدار الدين، ومتى وجبت السعاية بقدر الدين يصير في معنى المكاتب عند أبي حنيفة، والمكاتب لا يرث، فتصح الوصية بمقدار ثلث الباقي وذلك ألف درهم، ويسعى في ثلثي الباقي وذلك ألفا درهم، وعندهما يسعى في جميع قيمته؛ لأن المستسعى عندهما حر مديون فيرث، ولا وصية للوارث فيسعى في جميع القيمة رداً للوصية إلا قدر ما يخصه من الميراث على ما ذكرنا.
ولو وهب للمريض أم ولد معروفة لا سعاية عليها لما مر أن المحتبس عندهما مالية غير متقومة، ولو كان اشترى أم ولد معروفة لا سعاية عليها لا للغرماء ولا للورثة لما ذكرنا وإن كان في البيع محاباة بأن كانت قيمة الابن أقل من الألف وقد اشتراه المريض بألف درهم ولا مال له غيره، وعليه دين يحيط بجميع ماله، فإن البائع يرد الفضل على القيمة، وهو مقدار المحاباة، لأن المحاباة في مرض الموت وصية، والوصية مؤخرة عن الدين؛ وإن لم يكن عليه دين ولا مال غير ذلك يسلم للبائع من المحاباة قدر ثلثها بطريق الوصية، ورد الباقي على الورثة، ولا يجبر البائع وإن لزمه زيادة ثمن؛ لأن الرد متعذر لأنها صارت أم ولد للمريض، فلا يفيد التخيير. [
(نوع منه) في الشهادة على الولادة من الوارث
وإذا كان رجل وامرأته مسلمين، ولدت المرأة ولداً وادعت أنه ابنها منه، والزوج يجحد ذلك، فشهد على الزوج ابنه أو أخوه أنه أقر أنه ابنه من هذه المرأة قبلت الشهادة،