حال، أشهد عليه أو على الأكبر أو على الأوسط، وأما الأكبر والأوسط فرقيقان؛ لأنهما يعتقان في حال ولا يعتقان في حال، فلا أعتقهما بهذه الشهادة، وقال: ألا ترى أن شاهدين لو شهدا على رجل أنه أعتق أحد عبيده بعينه، وقد نساه أني أبطلت الشهادة.
(نوع آخر) ما يجب اعتباره في هذا النوع
أن دعوى المدعي في حق ثبات النسب إنما تصح من غير تصديق المالك إذا كان العلوق في ملك المدعي كما في البائع، وفي حق الملك للمدعي، ولصاحب الحق ولاية حق استلحاق النسب على المالك كما في المكاتب، فإن دعوى المكاتب ولد جارية من أكسابه صحيحة من غير تصديق المولى؛ لأن للمكاتب ولاية إبطال حق استلحاق النسب على المولى بالبيع من غيره، ولو ادعى المولى نسب ولد جارية المكاتب لا يصح من غير تصديق المكاتب؛ لأنه ليس للمولى ولاية إبطال حق استلحاق النسب على المكاتب بالبيع من غيره.
إذا ثبتت هذه الجملة جئنا إلى مسائل الباب فنقول: إذا ولدت جارية الرجل ولداً وادعى نسب هذا الولد لا تصح دعوته إلا بتصديق من الأب؛ لأن العلوق لم يحصل في ملك الابن ولا في حق الملك له، وليست له ولاية إبطال حق استلحاق النسب على الأب أيضاً؛ بأن يبيع أمته من غيره، فكان الابن وأجنبي آخر في ذلك على السواء، والأجنبي لو ادعى لا يصدق إلا بتصديق المالك، فكذا الابن، وكذلك لو ادعى الابن أنه تزوجها لا يصدق إلا بتصديق الأب، لا يدعي ملك بضع الأمة على الأب فلا يصدق؛ كما لو ادعى ملك رقبة الأمة عليه، فإن أقام الابن بينة على التزويج برضا الأب أو بغير رضاه؛ فإن نسب الولد ثبت منه، ويعتق لأن الثابت بالبينة العادلة كالثابت معاينة، ولو عاين القاضي أنه تزوجها نكاحاً صحيحاً برضى المولى، أو فاسداً بغير رضاه، ثم جاءت بولد في مدة تلد الأمة (242ب4) لمثلها؛ فإنه يثبت نسب الولد منه، ويحكم بعتقه؛ لأنه ملك ابن أمته.
نوع آخر في إقرار المريض بالولد
قال محمد رحمه الله: ملك عبداً في صحته، وأقر في مرضه أنه ابنه (لمثله) ، وليس له نسب معروف فهو ابنه، ويعتق ويرثه، ولا يسعى في شيء وإن لم يكن له مال غيره، وكان عليه دين يحيط بقيمته، وهذا لأن المرض لا يزيل أملاك المريض عنه، ألا ترى أن تصرفات المريض كلها نافذة، فالدعوى صادفت ملكه، ولم يكذب فيما ادعى لا حقيقة؛ لأن مثله يولد لمثله ولا حكماً؛ لأنه مجهول النسب من غيره فصحت دعوته كما في حالة الصحة، وعتق العبد عليه؛ لأنه ملك ابنه، ولا يسعى العبد وإن لم يكن له ما غيره، وكان على المريض دين يحيط بقيمته؛ لأن هذا عتق الصحة ومعتق الصحة لا يسعى لأحد.