العتق والنسب، وإذا اعتبر مقصوراً على الحال في حق بيان ثبات النسب حكماً لم ينتظم إقراراً بالوطء، هذا إذا علم المالك الأول من المالك الآخر، فأما إذا لم يعلم ثبت نسب الولد منهما، وتصير الجارية أم ولد لهما لأنهما استويا في الدعوى لأن دعوى كل واحد منهما احتمل أن تكون دعوى تحرير.
قال: ولا عقر على واحد منهما، قال بعض مشايخنا: لم يرد بقوله لا عقر على واحد منهما أصلاً؛ وإنما أراد به: لا عقر على واحد منهما لصاحبه، ولا شك أنه لا عقر لواحد منهما على صاحبه، وإن صار واطئاً ملك صاحبه، إلا أن الوطء في ذلك ليس بمعلوم، فكان المقضي عليه بالعقر، والمقضي له بالعقر مجهولاً، ولا يمكن الجهالة في الموضعين فمنع القضاء.
إما يضمنا نصف العقر للبائع لأن المقضي وهو نصف العقر معلوم، والمقضي له وهو البائع أيضاً معلوم، وإنما الجهالة في المقضي عليه لا غير، وتمكن الجهالة في موضع واحد لا يمنع القضاء بل يقضي ويودع كما في مسألة الطلاق وإلى هذا مال شيخ الإسلام رحمه الله، وبعض مشايخنا قالوا: لا عقر على واحد منهما أصلاً، إما لصاحبه فغير مشكل لأنا لم نتيقن أن كل واحد منهما وطء ملك شريكه، وإما لبائع صاحبه فلأنه إنما يجب العقر للبائع على من حصل وطؤه في ملك البائع وأنه مجهول، والمال لا يجب على المجهول، وإلى هذا مال شمس الأئمة السرخسي، والأول أشبه بأصول أصحابنا.
وإذا كانت الأمة بين رجل وامرأة جاءت بولد فادعى الرجل وأب المرأة نسب الولد كانت دعوى الرجل أولى لأنه صاحب حقيقة الملك، ولأب المرأة تأويل الملك، والتأويل لا يعارض حقيقة الملك، ولأن دعوى الرجل تثبت من غير تقديم الملك له على العلوق، فكانت دعوى الرجل سابقة معنى.
أمة بين رجلين ولدت ولداً ميتاً، أو أسقطت سقطاً استبان خلقه، فادعاه أحدهما صحت دعوته وصارت الجارية أم ولد له، وكان ينبغي أن لا تصير الجارية أم ولد له لأن نسب الولد لا يثبت بهذه الدعوى لاستغناء الولد عن النسب، وحق العتق للأم ثبت تبعاً لثبات نسب الولد، والجواب: أن العمل بحقيقة هذه الدعوى إن تعذر وهو إثبات النسب لكون الولد ميتاً أمكن العمل بمجازه، ويجعل قوله: هذا ولدي عبارة عن قوله: هذه أم ولدي بهذا الولد، وهذا لأن نسب الولد إذا ثبت بأن كان الولد حياً كان من حكمته أن تصير الجارية أم ولد له، فعند تعذر العمل بحقيقته يجعل كناية عن حكمه، فصار كأنه قال: هذه أم ولدي بهذا الولد، ونظيره مسألة هذا ابني؛ على قول أبي حنيفة رحمه الله.
أمة بين رجلين جاءت بولد فادعاه أحدهما في مرض موته صحت دعوته وثبت نسب الولد منه لأن العلوق اتصل بملكه وتصير الجارية أم ولد وتعتق من جميع المال إذا مات.
فرق بين الاستيلاد والتدبير، فإن عتق المدبر يعتبر من ثلث المال؛ لأن التدبير وصية، وإنه من فضول الحوائج والاستيلاد من حوائجه الأصلية، لأنه تعلق به حياته المعنوية، فصار كثمن الأدوية وأجرة الطبيب، وقد ذكرنا هذا في كتاب العتاق وهذا إذا