الجارية كلها والولد لأن العتق عندهما لا يتجزّأ ولا يضمن لصاحبه شيئاً لما ذكرنا، فإن ادعى الآخر الولد بعد ذلك أنه ابنه؛ فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله صحت دعوته، لأن ملكه في نصف الجارية والولد قائم عنده، وهذا كافٍ لصحة الدعوى، وصار نصيبه من الجارية أم ولد له، ولا يضمن لصاحبه شيئاً لا من الولد ولا من الجارية، لأن المدعي لم يفسد على صاحبه نصيبه، لأن نصيب صاحبه عتق عليه بإقراره؛ لأن الحبل من أبيه، ويضمن نصف العقر لصاحبه، إن صدقه صاحبه أخذ ذلك منه لأن في زعمه أنه وطء جارية الأب وضمن العقر لأبيه، إلا أنه ورث النصف من ذلك فسقط عنه النصف، وبقي النصف لصاحبه فيأخذه صاحبه إن صدقه صاحبه في ذلك، وإن كذبه بطل زعمه وإقراره، وعلى قول أبي يوسف ومحمد ثبت نسب الولد منه استحساناً وإن لم يكن له فيه ملك لما أنه عتق كله بإقرار المدعي الأول، إنما يثبت لأنه ادعى نسب صغير ليس له نسب معروف، فتصح دعوته استحساناً، كما لو ادعى نسب لقيط وضمن نصف العقر لصاحبه لما

ذكرنا.

(نوع آخر) يتصل (بهذا) النوع

قال: أمة بين رجلين جاءت بولد فادعياه، وقد ملك أحدهما نصيبه منذ شهر وملك الآخر نصيبه منذ ستة أشهر، فدعوى صاحب الملك الأول أولى؛ لأن دعوته سابقة معنى؛ لأن دعوته دعوى استيلاد وتستند إلى وقت العلوق، وإذا صارت دعوته أولى ذكر أنه يضمن نصف قيمتها، ونصف عقرها، ولم يذكر أنه لمن يضمن لصاحبه أو لبائع صاحبه، قالوا: وينبغي أن يضمن ذلك لبائع صاحبه؛ لأن دعوته دعوى استيلادتستند إلى وقت العلوق، والعلوق كان في ملك بائع صاحبه فصار متملكاً على بائع صاحبه نصيبه فيضمن نصف قيمتها، ونصف عقرها لبائع صاحبه من هذا الوجه، وظهر أن البائع حين باع هذا النصف باع أم ولد الأول فيكون باطلاً، فيجب على البائع أن يرد جميع الثمن على صاحب الملك الآخر، وهل يضمن صاحب الملك الآخر العقر لصاحب الملك الأول؟.

لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل ههنا، وذكر المشايخ في شروحهم: أنه يضمن جميع العقر للمالك الأول؛ لأنه ظهر أنه أقر بالوطء بعدما صارت الجارية كلها أم ولد لصاحب الملك الأول، وما ذكره المشايخ إشارة إلى دعوى التحرير لا ينتظم الإقرار بالوطء، فإن دعوى صاحب الملك الآخر دعوى تحرير، إذ العلوق لم يكن في ملكه.

وصاحب شرح «مختصر الطحاوي» يشير إلى أن دعوى التحرير لا ينتظم الإقرار بالوطء، لأن دعوى التحرير تقتصر على الحال، ولا تستند إلى ما قبل ذلك ومتى لم تستند إلى ما قبل ذلك لا ينتظم الإقرار بالوطء في ملك الغير، ومحمد رحمه الله لا يذكر العقر في دعوى التحرير؛ إنما يذكره في دعوى الاستيلاد، فكأن محمداً صحح دعوى التحرير باعتبار الملك في الحال من غير اعتبار الوطء، كما يصح العتق باعتبار الملك الثابت للحال، وأراد بقوله في «الكتاب» : دعوى التحرير تقتصر على الحال: الاقتصار في حق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015