حق مدعي الأصغر كأنه ادعى نسب الأصغر وسكت ولا يثبت نسب الأكبر من واحد منهما؛ لأن مدعي الأصغر أقر بنسب الأكبر لشريكه؛ وشريكه ينفيه عن نفسه ولكن يعتق الأكبر ويكون حكمه حكم عبد مشترك بين اثنين شهد أحدهما على صاحبه بالعتق، وصاحبه منكر؛ لأنه لولا قول مدعي الأصغر: الأكبر ابن شريكي لكان الأكبر عبداً؛ وإنما حكم بعتقه بإقراره بنفسه لشريكه فيكون العبد لهما في قيمته عند أبي حنيفة على كل حال، ويسعى الشاهدان إن كان المشهود له معسراً ولا يسعى إن كان موسراً، وهو خلاف معروف في الأصل كذا ههنا.

هذا الذي ذكرنا كله إذا كان قال أحد الوليين: الأصغر ابني والأكبر ابن شريكي، فأما إذا قال: الأكبر ابني والأصغر ابن شريكي فهذا على وجهين أيضاً: إن صدقه شريكه في ذلك أو كذبه، فإن صدقه ثبت نسب الأكبر من الشريك المصدق وصارت الجارية أم ولد له، وضمن مدعي الآخر نصف قيمتها، ونصف عقرها موسراً كان أو معسراً، ولا يضمن من قيمة الولد شيئاً، وصار الشريك المصدق في هذا الفصل نظير مدعي الأصغر في الفصل الأول، أما بيان نسب الأكبر فظاهر، أما صيرورة الجارية أم ولد للشريك المصدق باعتبار أن تصديقه يستند إلى وقت الإقرار فأوجب نفاذ الإقرار من وقت وجوده، فصارت دعوى الشريك المصدق للأكبر سابقة من حيث المعنى، وأما ضمان نصف قيمة الجارية وضمان نصف العقر وعدم ضمان قيمة الولد فلما ذكرنا.

والقياس: أن لا يثبت نسب الأصغر من مدعي الأصغر، لأن الأصغر ولد مدعي الأكبر، وفي الاستحسان: يثبت لأن أمية الولد للأكبر لم تكن ظاهرة وقت العلوق بالأصغر، فإنما استولدها مدعي الأصغر بناءً على ظاهر الملك فيكون مغروراً، وولد المغرور ثابت النسب منه، وضمن مدعي الأصغر قيمة الأصغر لشريكه لما ذكرنا أنه ولد المغرور، وولد المغرور حر بالقيمة عليه إجماع الصحابة.

من مشايخنا من قال: ما ذكر من الجواب قولهما لا قول أبي حنيفة رحمه الله، فإن ولد أم الولد ليس بمتقوم عنده كالأم، ومنهم من قال: لا بل هذا قول الكل لأن حكم الاستيلاد حالة العلوق بالأصغر لم يكن ظاهراً، وإنما يثبت عند الدعوى بطريق الاستناد إلى وقت العلوق بالأكبر، والمستند ثابت من وجه ظاهر من وجه، فلا يسقط تقوم مالية الولد بالشك، ولأن مدعي الأصغر مغرور على ما ذكرنا، والمغرور بأم ولد الغير يغرم القيمة (239ب4) بلا خلاف، وضمن مدعي الأصغر لشريكه جميع عقرها كذا ههنا، وهو إشارة إلى حقيقة الواجب، لأنه استولد أم ولد الغير، واستيلاد أم ولد الغير يوجب جميع العقر، وذكر في كتاب «الدعوى» : أنه يضمن نصف العقر، وهو إشارة إلى الحاصل بعد المقاصة؛ لأنه وجب لمدعي الأصغر، وعلى مدعي الأكبر نصف العقر، ووجب لمدعي الأكبر على مدعي الأصغر جميع العقر، فصار النصف بالنصف قصاصاً بعد الحاصل بعد المقاصة النصف.

فإن قيل: ينبغي أن تصير الجارية أم ولد لمدعي الأصغر دون مدعي الأكبر؛ لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015