الاستيلاد، ولهذا صارت الجارية أم ولد له، ودعوى الاستيلاد تستند إلى وقت العلوق، وإنه كان ماءً مهيناً لا قيمة له، فلم يستهلك على الشريك شيئاً له قيمة، فلهذا لا يضمن.
فإن قيل: ينبغي أن يضمن مدعي الأصغر جميع العقر، ولا يضمن شيئاً من قيمة الجارية؛ لأنهما تصادقا أن استيلاد مدعي الأكبر إياها سابقٌ، وأن الجارية صارت أم ولد لمدعي الأكبر، فمدعي الأصغر استولد أم ولد الغير وإنه يوجب جميع العقر، ولا يوجب شيئاً من قيمة الجارية. قلنا: القاضي حين قضى بكون الجارية أم ولد لمدعي الأصغر فقد كذبها فيما تصادقا فيسقط اعتبار تصادقهما والتحق بالعدم، ولو انعدم تصادقهما كان الجواب كما قلنا؛ فههنا كذلك، هذا هو الكلام في مدعي الأصغر.
أما الكلام في مدعي الأكبر: فإنما يثبت نسب الأكبر منه لأنهما تصادقا على ثبات نسبه منه، ولو تصادقا على ثبات نسبه من أجنبي يدعي نسبه ثبت نسبه فههنا أولى، ويضمن مدعي الأكبر نصف قيمة الأكبر لشريكه إن كان موسراً، وإن كان معسراً سعى الأكبر في نصف قيمته له لأن دعوته في الأكبر ليست دعوى استيلاد؛ لأنا لو جعلناها دعوى استيلاد تصير الجارية أم ولد لمدعي الأكبر وقد جرى الحكم بكون الجارية أم ولد لمدعي الأصغر، وإنه يوجب خروج الجارية من أن تكون محلاً للاستيلاد في حق مدعي الأكبر، ودعوى الاستيلاد إنما تعمل في محلها فيعذر أن يجعل دعوته دعوى استيلاد، فجعلناها دعوى تحرير لما مر في ابتداء هذا النوع، فيصير مدعي الأكبر معتقاً للأكبر وهو مشترك بينهما.
والحكم في العبد المشترك بين رجلين أعتقه أحدهما أن يضمن لشريكه نصف قيمته إن كان موسراً وسعى الغلام في النصف إن كان معسراً، ولا تصير الجارية أم ولد لمدعي الأكبر دون مدعي الأصغر مع مدعي الأكبر لما تصادقا على كون الأكبر ابناً لمدعي الأكبر، فقد تصادقا أن استيلاد مدعي الأكبر سابق، وأن الجارية خرجت من أن تكون محلاً للاستيلاد في حق مدعي الأصغر.
قلنا: حين قال: مدعي الأصغر ابني فقد أقر على نفسه ووجد هذا الإقرار نفاذاً عليه لوجود المنفذ وهو الملك في النصف، وإقرار الإنسان على نفسه إذا وجد نفاذاً عليه ينفذ ولا يتوقف على تصديق الغير فنفذ إقراره، وصارت الجارية أم ولد له، فمدعي الأكبر إنما يدعي أمية الولد بعدما ثبت أمية الولد في حق مدعي الأصغر فلم يصح، أو يقول: بأن مدعي الأصغر حين قال: الأصغر مني فقد أقر بثبات نسب الأصغر وتكون الجارية أم ولد له من وقت العلوق بالأصغر، فهو بذلك بقوله: الأكبر شريكي يريد إبطال أمية الولد في حقه وليس له هذه الولاية فصار وجود هذه المقالة والعدم بمنزلة.
ولو لم يقل: الأكبر ابن شريكي؛ تصير الجارية أم ولد له، ولا تصح دعوة أمية الولد بعد ذلك من مدعي الأكبر فكذا ههنا؛ ويضمن مدعي الأكبر نصف العقر لمدعي الأصغر لأنه أقر بوطئها في حال كانت مشتركة بينهما، هذا إذا صدقه شريكه.
فأما إذا كذبه شريكه فالجواب في حق مدعي الأصغر ما ذكرنا فلا تعتد، وتصير في