معروف النسب إذا كان مثله يولد لمثله؛ قال: تصير الجارية أم ولد، وإن لم يثبت نسب الولد منه.
والفرق: أن في معروف النسب سببه ثبات النسب من المولى متصور بأن جعل الوطء منه بشبهة، فإن الوطء بشبهة كافٍ لثبات النسب كما في حال الانفراد، إلا أن صاحب الفراش الصحيح جعل أولى من صاحب الفراش الفاسد بحكم الصحة؛ لأن سبب ثبات النسب منه لم يوجد، وإذا كان سبب ثبات النسب متصور من المدعي بغير النسب ثابتاً منه في حق ما يلزمه من أحكام النسب، وأن يعتق الولد وتصير الجارية أم ولد له هذا حكم يلزمه، وإنه من أحكام النسب، فيعتبر النسب ثابتاً في حقه وفي حق هذا الحكم، وإن لم يعتبر ثابتاً في حق النسب من الزوج؛ لأن ذلك أمر على الزوج.H
فأما في حق ولد الزنا، وفيما إذا كان لا يولد مثله لمثله؛ فسبب ثبات النسب من المدعي غير متصور، فلا يمكن أن يعتبر النسب ثابتاً من المدعي في حق ما يلزمه من الأحكام؛ فلا يثبت حق العتق للجارية، وإنما عتق الغلام الذي لا يوجد مثله لمثله، لا لأن النسب اعتبر ثابتاً في حق عتق الولد، ولكن لأن قوله: هذا ابني جعل كناية ومجازاً عن قوله: عتق على هذا من حين ملكته، واللفظ إذا صار مجازاً عن غيره سقط اعتبار حقيقته، وتكون العبرة للمكنى عنه، ولو صرح بالمكنى عنه وقال: عتق هذا عليّ من حين ملكته لا تصير الجارية أم ولد له كذا ههنا.
هذا الذي ذكرنا، إذا جاءت بالولد لستة أشهر من وقت النكاح، ولو جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لم يثبت نسبه من الزوج وإنه ظاهر، فإن ادعاه المولى ثبت نسبه منه لأنه ولد أمته، وبحكم فساد النكاح؛ لأنه تبين أنه زوجها وفي بطنها ولد هو ثابت النسب منه.
وإذا زوج الرجل أمته من غير عبده بإذن مولاه، أو زوجها من حر برضاه؛ فجاءت بالولد لستة أشهر فصاعداً من وقت النكاح فادعاه المولى؛ لا يثبت نسبه من المولى، وإن صدقه الزوج في ذلك؛ لأن الزوج بالتصديق نفاه عن نفسه، ونسب ولد النكاح لا ينتفي إلا باللعان، فيكون الولد ثابت النسب من الزوج؛ صدَّق المولى أو كذبه، وهل يحكم بفساد النكاح إن كذبه الزوج في دعواه؟ لا شك أنه لا يحكم بفساد النكاح.
وأما إذا صدقه فقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: يحكم بفساد النكاح؛ لأنه لما صدق المولى في النسب، فقد أقر بكونها حاملاً من المولى وقت النكاح مقراً بفساد النكاح، وإقرار الزوج بفساد النكاح إقرار على نفسه، فيصدق في حق فساد النكاح إن لم يصدق في حق قطع النسب عن نفسه، ومنهم من قال: لا يحكم بفساد النكاح لأن تصديق الزوج ليس بإقرار بفساد النكاح نصاً، ولا يجوز أن يثبت الإقرار بالفساد اقتضاءً لأنه لا يجوز أنه صدق المولى في دعوى ثبات النسب؛ لأنه علم أن العلوق منه كان قبل النكاح فيكون إقراراًبفساد النكاح، ويجوز أنه صدقه؛ لأنه علم أنه وطئها بعد النكاح، وظن ثبوت النسب منه، فيكون إقراراً بقيام الملك له في رقبتها حالة الوطء، فلا يكون هذا إقراراً منه بفساد النكاح، فلا يثبت الإقرار بالفساد مع الاحتمال، قال: إلا إذا كان الزوج