تصادقا على النكاح، إلا أن أحدهما منكر حكم الفراش لمانع والآخر يدعيه، والأصل: أن المتداعيين إذا اتفقا على سبب حكم، واختلفا في ثبوت الحكم وعدمه، فالقول قول من يدعي ثبوت الحكم؛ لأن ثبوت العلة يدل على ثبوت الحكم، فكان الظاهر شاهداً له كالمتبايعين إذا اتفقا على البيع؛ وأنكر أحدهما ثبوت الملك لمانع في السبب وهو الخيار أو التلجئة، وادعى الآخر ثبوته، كان القول قول من يدعي الثبوت كذا ههنا.

وإن تصادقا على أنه تزوجها منذ شهر لم يثبت نسب الولد، وإن كان في ذلك إبطال نسب الولد من حيث الظاهر؛ لأنهما اتفقا على أن حكم السبب غير ثابت، والمتداعيان إذا تصادقا على امتناع ثبوت الحكم لمانع في السبب مع اتفاقها على (السبب) يعتبر تصادقهما، وإن كان في ذلك إبطال حق على الغير، كالمتبايعين إذا اتفقا على أن البيع كان تلجئة، وإن كان فيه خيار، فإنه يعتبر اتفاقهما، وإن كان فيه إبطال حق على الغير وهو الشفيع، فإن أقامت البينة بعدما تصادقا أنه تزوجها منذ شهر أنه تزوجها منذ سنة قبلت، أما إذا كان الولد كبيراً، وهو أقام البينة بنفسه، فلأن هذه بينّة قامت من خصم على خصم، وأما إذا كان الولد صغيراً فكذلك.

واختلف المشايخ في طريق قبول البينة، قال بعضهم: ينصب خصماً عن الصغير؛ لأن النسب حق الصغير؛ فينصب عنه خصماً لتكون البينة قائمة ممن هو خصم، ثم الخصم إنما يقيم البينة على الزوج ههنا، لا على المرأة لأن النسب ثابت منهما على كل حال، وبعضهم قالوا: القاضي يسمع البينة من غير أن ينصب عنه خصماً بناءً على أن الشهادة على النسب هل تقبل حسيّة من غير دعوى؟ وقد اختلف فيه مشايخنا؛ بعضهم قالوا: تقبل؛ لأن في النسب حق الشرع، فإن نسبة الولد إلى غير أبيه حرام حقاً للشرع، والشهادة القائمة على حق الشرع؛ تقبل نسبه من غير الدعوى؛ والله أعلم.

نوع آخر في دعوى المولى ولد أمته ولها زوج

قال محمد رحمه الله: إذا زوج الرجل أمته من عبده فجاءت بولد لستة أشهر فصاعداً، فهو ابن الزوج، وإن نفاه الزوج لم ينتفِ منه لأنها لما جاءت بالولد لستة أشهر أمكن حالة العلوق على النكاح، فكان هذا ولد النكاح، وولد النكاح لا ينتفي نسبه إلا باللعان، ولا لعان بين الرجل وامرأته الأمة، فإن ادعاه المولى وقال: هذا ابني؛ لم تجز دعوته، ولم يثبت نسب الولد منه؛ ولكن يعتق الولد بإقراره؛ وتصير الجارية أم ولد له؛ لأن المولى بقوله: هذا ابني ادعى النسب على الولد من نفسه، وأقر بحرية الولد، وحق العتق للجارية ودعواه نسب الولد من نفسه على الزوج؛ لأنه يريد قطع نسب ثابت منه، فلم يصح، أما إقراره بحرية الولد وبحق العتق للجارية إقرار على نفسه فصح.

فرق بين هذه المسألة وبين مسألتين إحداهما: إذا قال لعبده ومثله لا يولد لمثله: هذا ابني، وإنه في ملكه؛ فإنها لا تصير أم ولد له، وقد أقر بحق العتق لهما، وكذلك إذا قال في مسألتنا: هذا ولدي من هذه الجارية من الزنا؛ لا تصير الجارية أم ولد، وفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015