يثبت للمشتري حيث اشترى من غير المالك.

وإن كان القاضي الذي وقع عنده خصومة الابن غير القاضي الذي قضى للأخ بنصيب الميت لا يقضي للابن؛ لأن القاضي الثاني لا يعلم أن المشتري غاصب، وأن المودع غاصب الغاصب؛ لأنه لا يعلم أن الأخ البائع بأي سبب ملك، وأنه لا يعلم أن القاضي قضى للأخ بنصيب الميت بالأخوة، فلو قضى للابن نصيب الميت كان هذا قضاء على الغائب من غير خصم؛ لأن المودع لا ينتصب خصماً فيما يستحق على المودع.

وتأويل هذه المسألة: أن القاضي الثاني عرف كون المودع مودعاً بالمعاينة بأن كان إيداع المشتري منه بمعاينة القاضي الثاني أو ببينة أقامها المودع، أما إذا لم يعرف القاضي الثاني كونه مودعاً، فالقاضي يقضي للابن بنصيب الأخ؛ لأن صاحب اليد ينتصب خصماً بظاهر يده ما لم يثبت كونه مودعاً، ثم إذا لم يقض القاضي للابن بنصيب الأخ لا يدخل الابن في نصيب الشريكين المصدقين؛ لأن القضاء للأخ انصرف إلى نصيب الميت خاصة، فلم يصيرا مقرين للابن بشيء مما في أيديهما، فإن حضر المشتري بعد ذلك أخذ القاضي الثاني نصيب الميت من المشتري ودفعها إلى الابن.

هكذا ذكر محمد في «الكتاب» قالوا: تأويل هذا إذا أعاد الابن البينة على المشتري أو يقر المشتري أنه اشترى هذا من أخ الميت، وأن الأخ كان ورثه من الميت، أما بدون ذلك لا يقضي القاضي بنصيب الميت؛ لأن بينة الابن في حق المال قامت لا على خصم، فصار وجوده والعدم بمنزلة.

نوع آخر في دعوى الرجل النسب على غيره، وإحالة ذلك نسبه على شخص آخر

في «المنتقى» : رجل زمن ادعى على رجل أنه أبوه، وللزمن له عليه النفقة، وأنكر ذلك الرجل، فأقام الزمن بينة أنه أبوه، وأقام المدعى عليه بينة على رجل آخر أنه أب الزمن، وذلك الرجل ينكر، والزمن ينكر، قال: البينة بينة الزمن، ويثبت نسبه من الذي أقام عليه البينة بالنسب، وتفرض له عليه النفقة، ولا يلتفت إلى البينة الأخرى.

ذكر ثمة سؤالاً فقال: كيف لم يجعله ابن الرجلين ثم أجاب، فقال: لا يجوز ذلك، ألا ترى أن رجلين لو ادعيا رجلاً كل واحد منهما يزعم أنه ابنه، وقد يولد مثله لمثلهما، فأقام كل واحد منهما بينة على ذلك، وادعى شهادة إحدى البينتين كانت أولى أن يثبت نسبه منه وحده؛ لأن الحق ههنا حق الابن، وهو الذي ينسب إلى الاب وليس الأب ينسب إلى الابن، فإذا كان الأبوان استوى حالهما في الدعوى كانت البينة التي يدعيها الابن أولى أن يؤخذ بها، فكذا إذا استوت حالهما في الجحود، وادعى الوالد إحدى البينتين؛ فهو أولى أن يؤخذ بها.

ألا ترى أيضاً لو ادعى الغلام على أحدهما أنه أبوه وهو يجحد، والآخر يدعي أن الغلام ابنه والغلام يجحد، وأقاما البينة بينة الغلام، فإذا كانت بينة الغلام في هذا أولى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015