صحة للعتق إلا في ملك اليمين، وكان من آثار ملك اليمين والابن يقوم مقام الأب الميت فيما يدعي على الميت من المال.
وإن كان المدعي لا يدعي على الابن مالاً، بأن ادعى ديناً على الأب الميت، وليس في يد الابن شيء من تركة الأب الميت يريد بذلك إثبات الدين على أبيه؛ حتى إذا ظهر له مال يستوفيه، ولا يحتاج إلى إثباته بالبينة تقبل بينته، وإذا كان الابن يقوم مقام الأب الميت فيما يدعي على الأب الميت من أثار المال، وإن كان المدعي لا يدعي قبله مالاً في الحال إذ أثر الشيء قائم مقام ذلك الشيء، ولهذا قلنا: إن من اشترى عبداً، وأعتقه ثم اطلع على عيب به كان له أن يرجع بنقصان العيب، وإن لم يبق ملكه؛ لأنه بقي لهذا الملك أثر، وقام الأثر مقام الملك كذا ههنا. ولما كان الابن قائماً مقام الأب في دعوى الولاء كانت هذه البينة قائمة على غائب عنه خصم حاضر، فقبلت بخلاف دعوى الأخوة؛ لأنه ليس بمال، ولا هو أثر من آثار المال إنما هو من آثار ملك المتعة، والابن لا يقوم مقام الأب في ملك المتعة، فلهذا لا يقوم مقامه فيما هو من آثاره، ولما لم يقم الابن مقام الأب في دعوى الأخوة كانت بينة الأخ قائمة على غائب ليس عنه خصم حاضر فلا تقبل.
ثم قال محمد: وكذلك ولاء المولاة، ثم ولاء العتاقة في جميع ما وصفت لك؛ لأنه حكم عقد بولي الأب لاكتساب المال، وإنه لا تنتقض بموته، فأشبه البيع من هذا الوجه، والابن يقوم مقام الأب في حقوق البيع وأحكامه حتى يرد عليه بالعيب وبخيار الرؤية وبخيار الشرط، وإن لم يكن في يده مال، فكذا يقوم مقام الأب في دعوى الولاء عليه بخلاف الأخوة، فإنها لا تثبت بعقد يبقى بعد الموت حتى يلحق بالبيع، فيقام الوارث في دعواها مقام المورث.
ثم المرأة إذا ادعت على رجل أنه ابنها، وأقامت على ذلك بينة قبلت بينتها. وكذلك إذا ادعى رجل على امرأة أنها أمه، وأقام على ذلك بينة إنما قبلت بينته، وإن كانت المرأة لو أقرت بذلك لا يصح؛ لأن سبب الأمومية متصوّر منها، وهو الولادة فكانت خصماً للابن فيما ادعى، وإن لم يدع عليها مالاً.
ولو ادعت امرأة على رجل أنه ابن أمها، فهذا وما لو ادعت الأخوة سواء؛ لأنها تحمل النسب على غيرها، فإنه ما لم يثبت نسبه من أبيها لا يثبت منها، فكان كدعوى الأخوة، فإن ادعت مع ذلك حقاً مستحقاً قبلت البينة وما لا فلا.
قال في «الجامع» : رجل مات وترك موالي ثلاثة أعتقوه وترك داراً، فأقام مواليه البينة أنهم عصبته وورثته ومواليه الذين أعتقوه لا وارث له غيرهم، وقضى القاضي بالدار بينهم أثلاثاً، ثم مات واحد من الموالي، وأقام رجل بينة أنه أخوه لأبيه وأمه لا وارث له غيره يعني أخ الميت الثاني، وقضى القاضي له بنصيبه ودفعه إليه غير مقسوم، فباع الأخ ذلك من رجل وسلمه إلى المشتري، ثم إن المشتري أودع ما اشترى من رجل وغاب المشتري، فجاء رجل وأقام بينة بحضرة أخ الميت الآخر أنه ابن الميت الآخر ووارثه لا