(رجل) أنه ابنها، وأقامت على ذلك بينة قبلت بينتها، وإن لم تدع بذلك مالاً أو حقاً.
وكذلك لو ادعى رجل على امرأة أنه ابنها، وأقام على ذلك بينة، وإن لم يدع بذلك مالاً وحقاً، أما على رواية «الجامع» فظاهر، وأما على رواية «الأصل» ، فإنما قبلت البينة عليها، وإن كان لا يجوز إقرارها بذلك؛ لأن في الأخبار أخبرت بخبر الصدق وخبرها علامة، وهي شهادة القابلة؛ لأن سبب النسب منها الولادة، وأنه تحضرها القابلة، فلا تصدق في إخبارها بدون شهادة القابلة، ولا يثبت النسب بقولهما من هذا الوجه، فأما البينة فشرط صحتها الإنكار، ولا يشترط لصحة الإنكار انضمام قول غير المنكر إلى قول المنكر، وإنما يشترط تصور بسبب ما وقع فيه الدعوى والإنكار، وتصور ما وقع فيه الدعوى والإنكار منها ثابت، فقبلت البينة، ولا كذلك المدعى عليه، فلم تقبل عليه البينة، وروى أصحاب «الأمالي» عن أبي يوسف أن البينة عليه في هذه الصورة غير مقبولة؛ لأنه لا يصح إقرارها بالثبوت، فلا تصح البينة عليه بذلك.
ولو أن صبياً في يد رجل لا يعبر الصبي عن نفسه، وزعم الرجل الذي في يديه أنه التقطه، وأقامت المرأة حرة الأصل بينة أنه أخوها لأبيه وأمه جعلته أخوها وقضت بينهما، ودفعته إليها؛ لأن هذه بينة قامت على خصم؛ لأنها تدعي على الحاضر وهو الملتقط حقاً لنفسها، وهو حق نقل الصبي إلى حجرها للحضانة والتربية، فإن ذا الرحم المحرم وذات الرحم المحرم أحق بالصبي من الملتقط، ولا يتوصل إلى إثبات هذا الحق إلا بعد إثبات نسبها من أبيه أوأمه، فينتصب الملتقط خصماً عن أبيه وأمه.
وكذلك لو كان الذي في يديه يدعي أنه عبده، وباقي المسألة بحاله قضيت بأنه أخوها، وقضيت بعتقه؛ لأنها لا يمكنها الانتزاع من يد الملتقط إلا بعد إثبات نسبها من أبيه وأمه وإثبات حريته، فكان لها إثبات ذلك.
قال بعض مشايخنا: وعلى قياس مسألة اللقيط إذا ادعت امرأة على رجل أنه أخوها لأبيها وأمها، وأقامت على ذلك بينة ينبغي أن تقبل بينتها عند محمد؛ لأنها تدعي عليه حق الإنكاح لأن نكاحها لا يجوز إلا به عند محمد، فكان التزويج حقاً مستحقاً لها قبل الولي، فقد ادعت بسبب الإخوة حقاً، فملكت إثباته بالبينة عليه، وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف: المرأة تملك تزويج نفسها من غير ولي، فلم يكن التزويج حقاً مستحقاً لها على الولي، فلم تدع نسب الإخوة حقاً، فلا يملك إثباتها بالبينة.
ولو أن رجلاً من العرب ملك وله ابن، فادعى رجل على ابنه أنه كان عبداً لأبيه، وأن أباه أعتقه وأنكر ذلك الابن، فأقام البينة عليه تسمع بينته؛ قال: ولا يشبه هذا النسب يريد بذلك دعوى الأخوة. وكذلك لو مات هذا العبد المعتق وترك ابناً وبنتاً، فادعى الابن العربي أن أباه أعتق أباهما وأنهما مولياه، وأقام عليهما البينة، فإنه تقبل بينته، فقد فرق بين ولاء العتاقة وبين النسب.
واختلفت عبارة المشايخ في الفرق، والعبارة الصحيحة فيه ما حكي عن الفقيه أبي بكر البلخي أن الولاء أثر من أثار المال، فإنه أثر ملك اليمين؛ لأنه ثبت بالعتق، ولا