وليس عنه خصم حاضر لا يجوز، ولا وجه إلى الثاني؛ لأن ملك الطرف، وملك بدل الطرف لا يفيد الفصل عن ملك الأصل على ما مر.

وإذا تعذر القضاء بالأمرين، وبالأرش وحده يوقف القضاء إلى أن يحضر العبد بخلاف مسألة البرذون، لأن هناك القضاء بالأرش ممكن من غير أن يقع القضاء بالبرذون على غائب؛ لأن القول قول المدعي: أن البرذون برذونه، لأنه يدعي مالاً لنفسه وليس له فيه منازع فإنه لم يعرف كون البرذون في يد ثالث، وليس للبرذون يد نفسه فكان القول قوله أن البرذون له فأمكن القضاء بالأرش من غير أن يقع القضاء بالبرذون على الغائب.

بخلاف العبد؛ لأن العبد في يد نفسه ويقر عن نفسه فلا يمكن القضاء بذلك للمدعي إلا بالقضاء على الغائب حتى لو كان العبد ميتاً يقضى بالأرش للمدعي؛ لأنه لا بد للميت على نفسه فيمكن القضاء بالأرش للمدعي من غير أن يقع القضاء على الغائب.

وكذلك إذا كان العبد صغيراً لا يعبر عن نفسه، فالقاضي يقضي بالأرش للمدعي على الفاقيء، ولا يشترط حضرة العبد؛ هكذا حكي عن القاضي الإمام أبي عاصم العامري؛ لأن الصغير الذي لا يعبر عن نفسه ليس له يد نفسه بل هو بمنزلة الثوب والدابة حتى كان القول فيه قول صاحب اليد أنه ملكه، فأمكن القضاء بالأرش من غير أن يقع القضاء بملك العبد على الغائب.

فإن قيل: هلا انتصب الفاقيء خصماً عن العبد للمدعي؛ لأنه ادعى حقاً على الفاقيء وهو الأرش، ولا يمكن إثباته إلا بعد إثبات الملك لنفسه في رقبة العبد، وفي مثل هذا ينتصب الحاضر خصماً عن الغائب.

قلنا: لا يمكن أن يجعل الفاقيء خصماً عن العبد حكماً، لأنه ليس من الفاقيء وبين العبد فيما يريد المدعي إثباته من ملكه في رقبة العبد سبب، ولا بد من سبب يكون بين الحاضر والغائب حتى يجعل الحاضر خصماً عن الغائب واحد لم يقل به، قال: ولو أن المدعى عليه أقر أنه فقئ عين العبد، وإنه عبد هذا المدعي والعبد غائب، فإنه يقضي بأرش العبد له بخلاف فصل البينة.

والفرق: أن الإقرار في حق الأرش دون نفس العبد فيمكن القضاء بالأرش للمدعي من غير أن يكون قضاءً على الغائب وهو العبد، فأما البينة، فحجة متقدمة، فلا يمكن إثبات ملك العبد بها في حق الأرش، ورقبة العبد لأنه لا يكون على الغائب.

فهذا هو الفرق وذكر بعد هذا مسألة البرذون التي ذكرناها على سبيل الاستشهاد، وأجاب على نحو ما بينا أن القاضي يقضي بربع القيمة للمدعي على المدعى عليه، وإن لم يكن البرذون حاضراً وفيه نوع إشكال ينبغي أن لا يقضي القاضي للمدعي بأرش البرذون حتى يري المدعي البرذون للقاضي فينظر إليه القاضي هل فقئ عينه أم لا؟.

ألا ترى أن من ادعى على آخر أنه شج رأسه فالقاضي لا يقضي للمدعي على المدعى عليه بشيء (206أ4) حتى يرى المدعي رأسه للقاضي والجواب وهو الفرق بين الفصلين أن في فصل الشجة المدعي حاضر، فيمكنه إراءة رأسه من غير كلفة ومشقة، فأما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015