وفي «نوادر ابن سماعة» : في رجلين شهدا لرجل وقالا: نشهد أن فلاناً غصب عبد هذا ولكنه قد رده عليه بعد ذلك فمات عند مولاه، وقال المغصوب منه: ما رده عليَّ، وإنما مات عند الغاصب، وقال المشهود عليه: ما غصبته ولا رددته عليه وما كان من هذا شيء، قال: إذا لم يدع شهادتهما يعني على الرد ضمنتهما القيمة.
وكذلك لو شهدا أنه غصب عبداً له وأن مولاه قتله في يد الغاصب وقال المغصوب منه: ما قتلته؛ ولكن مات عند الغاصب، وقال المشهود عليه: ما غصبته ولا قتل المشهود له عبداً له في يدي.
وكذلك لو شهدوا أن لهذا على هذا ألف درهم ولكنه قد أبرأه منها، وقال المشهود له: ما أبرأته من شيء، وقال المشهود عليه: ما كان له عليَّ شيء، ولا أبرأني من شيء، قال: إذا لم يدع شهادتهما على البراءة قضيت عليه بالألف.
رجل شهدت له بينة على رجلين؛ أن له عليهما ألف درهم، فقال الطالب: إنما ما لي على فلان هذا وحده خمسمائة، أو قال: إنما ما لي على هذا وحده؛ قال أبو يوسف: ليس هذا إكذاباً للبينة.
بشر عن أبي يوسف: في رجل ادعى شراء جارية من رجل وأراد ردها بعيب العور، فجحد البائع وقال: لم أبعك، فأتى المشتري بشهود أنه ابتاعها منه، وهي عوراء، وأقام البائع بينة أنه برئ إليه من العور، لم تقبل بينته على البراءة في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: قبلتها، ليس هذا إكذاباً لشهوده، فإنه يمكنه أن يقول: أبرأني، ولم أبعه حيث طلبه فطلبت إليه فأبرأني.
رجل ادعى داراً ببينة في يدي رجل أنها داره وأقام البينة على ذلك، وذكر الشهود البناء في شهادتهم، أو لم يذكروا ثم ماتا أو غابا قبل أن يسألهما القاضي عن البناء، فالقاضي يقضي بالدار ببنائها للمدعي، فإن أقر المدعي بعد ذلك أن البناء للمدعى عليه فهذا إكذاب لشهوده، وبطلت الشهادة، والقضاء في البناء والدار جميعاً هكذا ذكر في «الأقضية» .
وفي آخر شهادات «الأصل» قال: إذا ذكر الشهود البناء في شهادتهم ثم أقر أن البناء للمدعي، فهذا إكذاب لشهوده، وقد ذكرنا قبل هذا في فصل على حدة، وإنما أوردناها هاهنا لنفرق بين مسألة الدار وبين مسألة الحانوت.
فإن من ادعى حانوته في يدي رجل وشهد الشهود بالحانوت للمدعي، ثم غاب الشهود أو ماتوا قبل أن يسألهما القاضي عن البناء، فإن القاضي يقضي بالحانوت ببنائه للمدعي، فإن أقر المدعي بعد ذلك فقال: آستانة أيف، وكان يدعي عليه كرده است، فهذا منه إكذاب لشهوده.
وإن لم يذكر الشهود البناء في شهادته، أما على رواية كتاب «الأقضية» : فلا يحتاج إلى الفرق، وأما على رواية «الأصل» يحتاج إلى الفرق.
والفرق: أن الحانوت اسم للعرض والبناء جميعاً، فالقضاء بالبناء في الحانوت