ولو أن شهود المدعي شهدوا أن الدار للمدعي ثم ماتوا أو غابوا، فلم يقدر عليهم فلما أراد القاضي أن يقضي بالدار ببنائها للمدعي قال المدعى عليه: أنا أقيم البينة أن البناء بنائي لم يقبل ذلك منه ويقضي بالدار للمدعي ببنائها؛ لأن الشهود حين شهدوا بالدار فقد شهدوا بالبناء إلا أن يثبتوا أنهم لا يدرون لمن البناء فيكون على ما وصفت لك في أول المسألة.

قال: ألا ترى أن القاضي لو قضى بالدار في هذا الوجه ببنائها للمدعي، ثم حضر شهوده وقالوا: إن البناء لم يكن للمدعي، إنما كان للمدعى عليه ضمنوا قيمة البناء للمدعى عليه، فإن قالوا للقاضي حين رجعوا عن البناء: ليس البناء للمدعي، ولا ندري لمن البناء لم يضمنوا من قيمة البناء شيئاً، وكان البناء للمدعي؛ وقيل للمدعى عليه: أقم البينة أن البناء بناؤك على الشهود الذين شهدوا للمدعي، فإن أقام عليهم البينة ضمنهم قيمة البناء؛ ألا ترى أن البناء دخل فيما شهدوا به.

ولو شهد شهود المدعي أن الدار له، ولم يزيدوا على هذا، ثم ماتوا أو غابوا ثم جاء رجل آخر وادعى بناء هذه الدار لنفسه، وشهد له شاهدان آخران بذلك، فإن القاضي يقضي بالأرض للمدعي الذي شهد شهوده بالدار، ويقضي بالبناء بين المدعيين نصفين، فإن أقام المدعى عليه بينة أن البناء بناؤه قبل ذلك منه.

ولو أن شهود المدعي بالدار شهدوا أن الأرض للمدعي وقالوا: لا ندري لمن البناء قضى بالأرض له، وقضى بالبناء لمدعي البناء خاصة.

قال: وكذلك في جميع ما وصفت لك الأرض يكون فيها النخيل والأشجار فشهد شهود المدعي أن هذه الأرض له، فهذا بمنزلة شهادتهم بالدار إذا لم يفسروا، فالقاضي يقضي بالأرض، ويتبعها النخيل والشجر من غير أن يكون ذلك شهادة بالنخيل والشجر.

وكذلك إذا شهدوا أن هذا الخاتم لفلان ولم يذكروا الفص، أو شهدوا أن هذا السيف لفلان ولم يذكروا الحلية، فالقاضي يقضي بالسيف وبالحلية، وبالخاتم والفص لفلان من غير أن يكون الفص والحلية مشهوداً به؛ حتى لو أقام المشهود عليه بينة أن البناء والفص والحلية له قبلت شهادتهم كان القاضي قضى بذلك للمدعي أو لم يقض.

وفيه أيضاً: إذا شهد الشهود على رجل بجارية في يديه أنها لهذا المدعي وقضى القاضي له بها ثم غاب الشاهدان أو ماتا، وظهر للجارية ولد في يد المشهود عليه لم يره الشهود أخذه المدعي، وكذلك لو كانت الدار ظاهرة أو شهد الشهود بالجارية للمدعي ولم يتعرضوا للولد فالقاضي يقضي للمدعي بالجارية وبالولد.

فإن قال الذي في يده الجارية: أنا أقيم (201ب4) بينة على أن الولد لي؛ لم يلتفت إلى بينته ويقضي بالجارية وولدها للمدعي، وإذا قضى القاضي بذلك ثم حضر الشهود وقالوا: لم يكن الولد للمدعي وإنما للمدعى عليه، فالقاضي لا يقضي بالولد للمدعى عليه، وإن أقام البينة على الولد، ولو كان الشهود حضوراً وسألهم القاضي عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015