الميراث إذا كان تصويب سطح صاحب الميراث إلى موضع الميراث وعلم أن التصويب قديم أن يجعل له تسييل الماء؛ لأن الظاهر شاهد له والقديم حجة شرعية، فإن جاء صاحب الميراث ببينة فشهدوا أنهم رأوه يسيل فيه الماء فليست هذه الشهادة بشيء، وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لأنهم شهدوا له بيد منقضية، وإن شهدوا أن له مسيل ماء في هذا الميراث فإن عنوا أنه لماء المطر، أو لماء الوضوء؛ أو لماء الاغتسال فلا شك أن هذه الشهادة مقبولة، ويكون له ما شهدوا له به إن شهدوا أنه لماء الوضوء والاغتسال، فهو لماء الوضوء والاغتسال، وليس له أن يسيل فيه ماء المطر.
وإن لم يثبتوا شيئاً من ذلك؛ ذكر في «الكتاب» أن الشهادة مقبولة واختلف المشايخ فيه؛ فمنهم من قال: المسألة مؤوَّلة وتأويلها: أنهم شهدوا على إقرار صاحب الدار أن له مسيل ماء في داره في هذا الميراث، وإذا كان هكذا لا شك أن الشهادة تقبل؛ لأنه ثبت إقراره بالبينة؛ وإقراره حجة عليه، ويرجع في البيان إليه أنه لماء المطر أو لماء الوضوء والاغتسال، فأما إذا شهدوا على ... ؟ ولم يثبتوا شيئاً من ذلك؛ لا تقبل الشهادة لأن العمل بإطلاق اللفظ هنا غير ممكن، لأن ضرر ماء المطر مع ضرر ماء الوضوء يقل ويدوم، وإذا كان الضرر مختلفاً كان الجنس مختلفاً، واللفظ الواحد لا ينتظم أمرين مختلفين كاسم القرء وأشباهه، وإنما يتناول أحدهما، وذلك الواحد مجهول فلا تقبل الشهادة.
ومن المشايخ من قال: لو تقبل الشهادة ماذا يثبت بعضهم؟ قالوا: يثبت حق مسيل ماء المطر، ومنهم من قال: يثبت كلا الأمرين حق مسيل ماء المطر، وحق مسيل ماء الوضوء والاغتسال. ومنهم من قال: يؤمر صاحب الدار بالبيان؛ فإن قال: لماء الوضوء، فهو لماء الوضوء لا غير، وإن قال: لماء المطر فهو لماء المطر لا غير، ويحلف على الآخر؛ لأن هذا أمر يجري فيه البدل والإقرار فيجري فيه اليمين.
وإن شهدوا أنه مسيل ماء دائم للوضوء والاغتسال وماء المطر فهو جائز، ويثبت جميع ذلك ولو لم يكن للمدعي بينة أصلاً استحلف صاحب الدار ويقضي فيه بالنكول.
وفي «المنتقى» : قال هشام: سألت محمداً رحمه الله عن نهر عظيم الشرب لأهل قرى لا يحصون، حبسه قوم من أعلى النهر عن الأسفلين، وقالوا: هو لنا وفي أيدينا، وقال الذين في أسفل النهر: هو لنا كله ولا حق لكم فيه. قال: إذا كان النهر يجري إلى الأسفلين يوم يختصمون ترك على حاله يجري كما يجري وشربهم جميعاً منه كما كان وليس للأعلين أن يسكروه عنهم، وإن كان الماء منقطعاً عن الأسفلين يوم يختصمون ولكن علم أنه كان يجري إلى الأسفلين فيما مضى وأن أهل الأعلى يحبسوه عنهم، أو أقام أهل الأسفل بينة أن النهر كان يجري إليهم، وأن أهل الأعلى حبسوه عنهم أمر أهل الأعلى بإزالة الحبس عنهم، وهذه المسألة دليل على أن الشهادة على يد منقضية صحيحة