وجه أولى من إيجابه على المباشر من وجه، وإذا رجع الفروع وحدهم وجب عليهم الضمان وهذا ظاهر، وإن رجع الأصول وحدهم فلا ضمان عليهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وفيه نوع إشكال؛ لأنه تعذر إيجاب الضمان على المباشر، فيجب على المسبب كما في الحافر مع الماشي.

والجواب: أن الأصول لو كانوا مباشرين مع الفروع من كل وجه بأن شهدوا جملة بشهادة أنفسهم ثم رجع اثنان لا يجب على الراجعين الضمان؛ لأنه بقي من يقوم بشهادته جميع الحق؛ فلأن لا يجب الضمان هنا، وقد بقي من يقوم بشهادته جميع الحق والراجع سبب من وجه أولى، وهكذا الذي ذكرنا: إذا قال الأصول: كنا أشهدناكما بباطل، فأما إذا قالوا لم نشهدهم أصلاً، فلا ضمان على الأصول بلا خلاف؛ لأنه لم يوجد منهم الرجوع لما أنكروا الإشهاد أصلاً.

ولو شهد شاهدان على شهادة أربعة وشهد شاهدان على شهادة شاهدين بحق على رجل وقضى القاضي بشهادتهم ثم رجعوا، فعلى قول أبي حنيفة: الضمان على الفريق أثلاثاً، ثلثاه على الذين شهدوا على شهادة الأربع، وثلثه على الذين شهدوا على شهادة المسبب وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: الضمان على الفريقين نصفان، وأجمعوا على أنه إذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين وشهد أربعة على شهادة شاهدين والباقي بحاله أن الضمان على الفريقين نصفان، والفرق لهما أن الحكم مقطوع بشهادة الفروع ولهذا لا ضمان على الأصول عند الرجوع عندهما، ولما كان الحكم مقطوعاً بشهادة الفروع يجب اعتبار عدد الفروع دون عدد الأصول.

إذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين على رجل بألف درهم وشهد آخران على شهادة شاهد واحد بتلك الألف بعينها وقضى القاضي بالألف بالشهادتين جميعاً ثم رجع واحد من الفريق الأول، وواحد من الفريق الثاني كان عليهما ثلاثة أثمان المال، الثمنان على أحد الأولين والثمن على أحد الآخرين؛ لأن الفريق الأول أثبت جميع المال؛ لأنهما قاما مقام شاهدين والفريق الثاني أثبت نصف المال؛ لأنه قام مقام شاهد واحد إلا أن ذلك النصف شائع في النصفين، فإذا بقي واحد من الفريق الأول بقي به نصف الحق، وإذا بقي واحد من الفريق الثاني بقي نصف النصف وهو الربع، إلا أن هذا الربع شائع في النصفين في نصف الباقي ببقاء أحد الأولين، وفي نصف الساقط برجوع أحد الأولين، فصار نصف الربع وهو الثمن داخلاً في النصف الذي بقي ببقاء أحد الأولين فلا يظهر ذلك، ونصفه وهو الثمن في النصف الساقط فبقي ذلك القدر ببقاء أحد الآخرين فكان الباقي من الحق بالشاهدين الباقيين خمسة أثمان، فكان التالف برجوع الراجعين ثلاثة أثمان، فيجب ضمان ذلك على الراجعين ولكن أثلاثاً؛ لأن الفريق الأول أوجب كل المال، والفريق الثاني أوجب نصف المال فكان الفريق الأول سبباً، مثل ما أثبته أحد الآخرين، فيكون العزم عليهما أثلاثاً، ولو لم يرجع إلا أحد الأولين كان عليه ربع الحق؛ لأنه بقي ببقاء صاحبه على الشهادة نصف الحق، والآخران أيضاً بقيا بنصف الحق، إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015