حراماً محضاً، فكان ناقضاً في كونها كبيرة، فصارت كالملحقة بالصغيرة من هذا الوجه، وهذا لأن حرمة ما ارتكب الشاهد في دينه من التعاطي يجب أن يكون مثل حرمة شهادة الزور حتى يستدل به على شهادة الزور، وشهادة الزور حرام محض؛ لأنه كذب والكذب حرام محض، فارتكاب ما لا يكون حراماً محضاً لا يدل عليه، قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: آكل الربا إنما يسقط العدالة إذا أكله مع علمه بكونه ربا.
ولا تجوز شهادة مدمن الخمر، فحرمة الخمر ثابتة بالنص، وشرع عليه عقوبة في الدنيا، وهو الحد، فكان من جملة الكبائر، فتسقط العدالة، ثم شرط الإدمان ولم يرد به الإدمان في الشرب؛ لأنه لا يطيق، وإنما أراد به الإدمان في النية، يعني: يشرب ومن نيته أن يشرب بعد ذلك إذا وجده، قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: ويشترط مع الإدمان أن يظهر ذلك للناس أو يخرج سكراناً، فيسخر منه الصبيان، حتى إن شرب الخمر في السر لا يسقط العدالة، قال في «الأصل» : ولا تجوز شهادة مدمن السكر، وأراد به في سائر الأشربة السكر، فشرط الإدمان على السكر، والمحرم في الخمر نفس الشرب، فشرط الإدمان على الشرب.
وكذلك من يجلس مجالس الفجور والمجانة والشرب، لا تقبل شهادته، وإن لم يشرب؛ لأنه تشبه بهم، وقد قال عليه السلام: «من تشبه بقوم فهو منهم» ، ولأنه رضي بصنيعهم ولم يحترز أن يظهر عليه ما يظهر عليهم، فلا يحترز عن شهادة الزور.
ولا تقبل شهادة المخنث؛ لأن التخنث معصية، قال عليه السلام: «لعن الله المؤنثين من الرجال، والمذكرات من النساء» قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: وهذا إذا كان تخنثه باختياره، أو كان يأتي بالأفعال الرديئة، فأما إذا كان في كلامه تكسر، وفي أعضائه لين بأصل الخلقة، ولا يأتي بشيء من الأفعال الرديئة فهو عدل مقبول الشهادة.
ولا تقبل شهادة من يلعب بالحمام ويطيرهن؛ لأنه يرتكب ما هو حرام؛ لأن اللعب حرام، قال عليه السلام: «ما أنا من ددٍ ولا الدد منّي» ولأنه يصعد العوالي من السطوح، فيطلع على العورات، وذلك منه فسق، ولأن قلبه مع ذلك في عامة أحواله ففسد به عقله، وذكر شيخ الإسلام في «شرح كتاب الكفالة» : في باب الشهادة في الدين: إن كان لا يطيرهن، ولكن يخليهن حتى يخرجن من بيته لا تقبل شهادته، وعلل فقال: لأنه يأتي بيت حمامته حمامات غيره، فيفرخ فيه ثم هو يبيع ذلك ويأكل، ولا يعرف