الخمس في مواقيتها كان له عند الله تعالى عهداً يؤديه إليه يوم القيامة وتلا قوله تعالى {إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً} (مريم: 87) » فإذا ظهرت منه الخيانة في هذه الأمانة بتفويتها عن الوقت، لا يؤمن به الخيانة في أمانة الشهادة.

وكذلك من ترك الجمعة لا تقبل شهادته لما روى قتادة عن عبد الملك بن يعلى أنه قال: لا أجيز شهادة من تقوم البينة عليه أنه ترك الجمعة ثلاث مرات، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: «من ترك الجمعة ثلاث مرات طبع الله تعالى على قلبه» ، ولأن شهود الجمعة فرض لقوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} (الجمعة: 9) فكان تاركاً الفرض، فصار مرتكباً الكبيرة، فلا تقبل شهادته، فهذا إذا تركها رغبة عنها، أما إذا تركها بعذر كالمرض أو بعده من المصر، أو بتأويل بأن كان يفسق الإمام أو ما أشبهه، لا ترد شهادته على ما ذكرنا في تارك الجماعة.

ثم إن الخصاف وضع المسألة في ترك الجمعة ثلاث مرات، قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: التقدير بالثلاث شرط كما ذكر الخصاف، وقال شمس الأئمة الحلواني: هذا ليس بشرط لازم، بل إذا ترك مرة كفى لرد الشهادة، وإليه أشار الخصاف رحمه الله في بعض المواضع.

ولا تقبل شهادة آكل الربا المشهور بذلك المقيم عليه؛ لأن أكل الربا كبيرة، وإنه حرام بنص الكتاب، وورد النص بالوعيد فيه بنار جهنم، قال الله تعالى {يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة} إلى قوله {واتقوا النار التي أعدت للكافرين} (آل عمران: 130 * 131) وقال عليه السلام: «لعن الله آكل الربا وموكله» وارتكاب الكبيرة توجب سقوط العدالة، ثم شرط لرد الشهادة أن يكون مقيماً عليه مشهوراً بذلك، وكان ينبغي أن تزول العدالة بالأكل مرة، كأكل مال اليتيم؛ لأن كل واحد من هذه الأشياء كبيرة، مع هذا شرط الإدمان.

واختلف المشايخ رحمهم الله في علته:

قال بعضهم: إنما شرط ذلك؛ لأن الإنسان عسى يبتلى بذلك؛ لأن البياعات الفاسدة كلها ربا، ولا يمكنه التحرز عن جميع الأسباب المفسدة للعقد، فقد لا يهتدي إلى ذلك، فلو ردت شهادته إذا ابتلي به مرّة لا يبقى في الدنيا مقبولة الشهادة، فلهذا شرط أن يكون مشهوراً بذلك مقيماً عليه.

وقال بعضهم: بأن الربا ليس بحرام محض؛ لأن الربا يفيد الملك عندنا بعد اتصال القبض، والملك مبيح للأكل في غير الخمر إن كانت حرمة السبب بمنع الأكل، فلم يكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015