هذا كما قلنا في أحد الزوجين من أهل الذمة إذا رفع إلى القاضي أنه محرم صاحبه، فالقاضي يفرق بينهما عند أبي يوسف؛ لأنه ركن إلى ديننا، وإن رفعا الأمر إلى القاضي، فالقاضي يفرق بينهما بلا خلاف، والمعنى ما قلنا، ومنهم من قال: إذا تقدم إلى القاضي، فالقاضي يقول له: هل تعتقد الشفعة بالجوار، (فإن) قال: نعم يقضي له بها، وإن قال لا، أقامه من ذلك الموضع ولم يسمع كلامه قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني: هذا أوجه الأقاويل وأحسنها.h

وفي «المنتقى» : قضاة ثلاثة ببغداد كل قاض على موضع معلوم، فادعى رجل على رجل دعوى واختلفا فيمن يتخاصمان إليه منهم، فإن كان منزل المدعي والمدعى عليه في موضع واحد يختصمان إلى القاضي الذي هو في موضعهما، وإن كان منزلهما مختلفاً، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذلك الجانب، قال أبو يوسف رحمه الله: ذلك إلى المدعى عليه.

القاضي يقبل البينة على عتق العبد بدون الدعوى عند أبي حنيفة رضي الله عنه، خلافاً لهما، ويقبل البينة على عتق الأمة وطلاق المرأة حسبة من غير الدعوى.

ولا يحلف على عتق العبد حسبة بدون الدعوى بالاتفاق، وهل يحلف على عتق الأمة وطلاق المرأة حسبة بدون الدعوى؟ أشار محمد رحمه الله في آخر كتاب التحري إلى أنه يحلف، فإنه قال: إذا طلق الرجل واحدة من نسائه بعينها ثلاثاً ونسيها، فتبين كلهن إلا واحدة، فالقاضي يمنعه عنها حتى يخبر أنها ليست بمطلقة، فالقاضي يحلفه البتة بالله أنها ليست بمطلقة، ولم يشترط دعواها، وهكذا ذكر في «شرح القدوري» : وذكر الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي في مقدمة باب السلسلة أنه لا يحلف، فيتأمل عند الفتوى.

وإذا قضى القاضي بحضرة وكيل الغائب أو بحضرة وصي الميت؛ يقضى على الغائب وعلى الميت، ولا يقضي على الوكيل والوصي ويكتب في السجل أنه قضى على الميت وعلى الغائب ولكن بحضرة وصيه وبحضره وكيله.

ذكر الخصاف في «أدب القاضي» : في باب العدوى: إذا أمر القاضي رجلاً بملازمة المدعى عليه، لاستخراج المال، ويسمى بالفارسية موكل فمؤنته على المدعى عليه، كذا ذكره القاضي الإمام صدر الإسلام رحمه الله، وعليه بعض القضاة، وبعض مشايخ زماننا قالوا: هي على المدعي وهو الأصح؛ لأن منفعته تعود إلى المدعي المديون إذا كان له عقار يحبس لبيعه، ويقضى الدين، وإن كان لا يشترى إلا بثمن قليل، كذا ذكره الخصاف في باب الحبس.

وإن امتنع المديون عن البيع بنفسه، فالقاضي هل يبيعه؟ ذكر في «الجامع الصغير» وفي كتاب «الأقضية» : أن القاضي لا يبيع مال المديون المحبوس لا العروض ولا العقار عند أبي حنيفة رضي الله عنه، لكن يحبسه ويأمره بالبيع، ويستديم الحبس ليبيع بنفسه، وعندهما يبيع العروض رواية واحدة، وفي بيع العقار روايتان، ذكر الروايتين في شرح كتاب «الأقضية» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015