البائع شهراً كانت الإجارة باطلة، لأن الإجارة لتمليك المنفعة والمنفعة تابعة للعين، وتمليك العين قبل القبض من البائع باطل فكذا قليل المنافع التي هي مبيع، فإن استعمله البائع بحكم الإجارة لا يلزمه الأجر لأن في الإجارة الفاسدة إنما يجب الأجر باستيفاء المنافع إذا وجد التسليم إلى المستأجر، ولم يوجد ها هنا إذ ليس للمشتري آلة التسليم وهو اليد، إنما اليد للبائع والبائع لا يصلح نائباً عن المشتري في القبض لأن التسليم يستحق على البائع والشخص الواحد لا يصلح أن يكون مسلماً ومتسلماً، ولأن التسليم والقبض بمنزلة البيع إذا ملك التصرف يثبت به والواحد لا يصلح بائعاً ومشترياً، فكذلك لا يصلح قابضاً ومسلماً.

وفي «الفتاوى» : استأجر ثوباً ليلبسه كل يوم بدانق، فوضعه في بيته ولم يلبسه حتى مضى عليه سنون فعليه لكل يوم دانق ما دام في الوقت الذي يعلم أنه لو لبسه لكان لا خرق، لأنه أمكن أن يجعل منتفعاً بالثوب في ذلك الوقت، فإذا مضى وقت يعلم أنه لو كان لبسه لتخرق سقط عنه الأجر؛ لأن بعد مضي ذلك الوقت تعذر جعله منتفعاً به.

وروي عن محمد نحو هذا، وهو نظير المرأة إذا لم تستعمل الكسوة إنه إذا مضى من الوقت مقدار ما لو استعملتها استعمالاً معتاداً تخرقت الكسوة كان لها ولاية المطالبة بكسوة أخرى، وما لا فلا.

ومما يتصل بهذا الفصلحبس العين بالأجر

قال محمد رحمه الله: رجل دفع ثوباً ليصبغه بدرهم أو إلى قصار ليقصره فقصره أو صبغه، وقال: لا أعطيك حتى تعطيني الأجر فله ذلك، وقال: زفر ليس له ذلك. يجب أن يعلم أن كل صانع ليس بصنعه الوقاء ثم في العين كالحمال والملاح والغسال لا يكون له أن يحبس العبن بالأجر بالإجماع، وكل صانع لعلمه الرقائم في العين كالصباغ وما أشبهه إذا فرع من العمل فله أن يحبس العين بالأجر عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله خلافاً لزفر.

من حجته في ذلك أن البيع وقع في يد المشتري برضا البائع فيبطل حقه في الحبس قياساً على ما لو عمل في بيت صاحب الثوب وقياساً على الملاح والمكاري، وإنما قلنا: أن المبيع وقع في يد المشتري لأن المبيع هنا إما أثر عمله في العين كما في الخياط، أو مال قائم الغسل بالثوب، لأن يد العامل على الثوب يد صاحب الثوب لأن العامل أمين في حق الثوب ويد الأمين يد صاحب المال كما في يد المودع.

وإنما قلنا: برضاه لأنه لما عمل مع علمه يقع في يد المشتري صار راضياً بوقوعه في يد المشتري، حجتنا أن المبيع وقع في يد المشتري بغير رضا البائع فلا يبطل حق البائع في الحبس كما في بيع إذا قبض المشتري المبيع بغير رضا البائع، فإنه لا يبطل حق البائع في الحبس وإن جعل في يد المشتري، لأنه حصل بغير رضاه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015