الفصل الأول: في بيان الألفاظ التي تنعقد بها الإجارةوفي بيان نوعها وشرائطها وحكمها

فأما بيان لفظها فنقول الإجارة إنما تنعقد بلفظين يعبر بهما عن الماضي نحو أن يقول أحدهما أجرت، ويقول الآخر: قبلت استأجرت، ولا تنعقد بلفظين أحدهما يعبر به عن المستقبل نحو: أجرتني، فيقول: أجرت، وهذا لأن الإجارة بيع المنفعة فتعتبر العين وفي بيع العين إنما ينعقد العقد بلفظين يعبر بهما عن الماضي، ولا تنعقد بلفظين يعبر بأحدهما عن المستقبل كذا هاهنا، وتنعقد بلفظ العارية أيضاً حتى أن من قال لغيره: أعرتك هذه الدار شهراً بكذا، أو قال: كل شهر بكذا، وقبل المخاطب كان ذلك إجارة صحيحة.

ذكر شيخ الإسلام في كتاب الهبة في باب العطية: فأما العارية لا تنعقد بلفظ الإجارة حتى أن من قال لغيره: أجرتك داري هذه بغير شيء كان إجارة فاسدة لا عارية.

وفي باب العوض في الهبة من شرح الصدر الشهيد رحمه الله: إذا وهب منفعة الدار من آجر شهراً بعشرة دراهم أو أعاره عيناً شهراً بعشرة دراهم حكى أبو طاهر الدباس رحمه الله عن أبي حنيفة رضى الله عنه أنه لا يلزم قبل استيفاء المنفعة، وبعد استيفاء المنفعة يعتبر إجارة.

وذكر شمس الأئمة الحلواني في شرح كتاب الصلح: أن الإجارة تنعقد بلفظ الهبة والصلح، وذكر شيخ الإسلام في شرح كتاب الهبة أيضاً، والإجارة بلفظ الهبة

وفي العطية من هبة «الأصل» إذا قال: داري هذه لك هبة إجارة كل شهر بدرهم، أو قال: إجارة هبة فهي إجارة في الوجهين، ولم يذكر في الكتاب أن هذه الإجارة هل تكون لازمة، وذكر الجصاص رحمه الله أنها لا تكون لازمة حتى كان لكل واحد منهما أن يرجع قبل القبض، ويكون لكل واحد منهما أن يفسخ قبل القبض، وإذا سكنها يجب عليه أجر المثل وإذا قال لغيره بعت منك منافع هذه الدار كل شهر بكذا، أو قال: شهراً بكذا ذكر في «العيون» : أن الإجارة فاسدة.

وذكر شمس الأئمة الحلواني في شرح كتاب الصلح أن فيه اختلاف المشايخ، وهذا لأن القياس يأبى جواز الإجارة لأن محل حكم الإجارة المنفعة، وإنها معدومة والمعدومة لا تصلح محلاً لحكم العقد ولإضافة العقد إليه إلا أن الشرع ورد بجوازها إذا باشر العقد على العين بلفظي الإجارة، أو باشر على المنفعة بلفظ الإجارة، ولفظ الإجارة لا يختص بتمليك الأعيان ولا يلحق بلفظ الإجارة.

والبيع يختص بتمليك الأعيان فلا يلحق به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015