صاحبه، فإذا كان دون ذلك لا يتم به الرضا فيتخير في ذلك، كما لو رأى عند الشراء جزءاًمن المكيل أو الموزون، ثم كان ما بقى وإنما رأى، فإنه يثبت له الخيار، وهذا إشارة إلى أن الرد بخيار الرؤية.
وإذا اقتسم الرجلان بستاناً وكرماً فأصاب أحدهما البستان وأصاب الآخر الكرم ولم ير واحد منهما الذي أصابه ولا رأى جوفه ولا نخله، وإنما رأى الحائط من ظاهره سقط خيار الرؤية، ورؤية الظاهر كرؤية الباطن.
قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : وبهذه المسألة يتبين ضعف قول من يقول في مسألة الدار: إذا رأى المشترى ظاهر الدار ولم ير داخلها أن جواب محمد: أنه لا خيار للمشتري محمول على دور الكوفه؛ لأنهما لا تتفاوت في السعة والضيق.
ألا ترى أن محمداً رحمه الله في مسألة البستان والكرم اكتفى برؤية الظاهر، مع أن البستان المقصود والكرم المقصود يتفاوت بتفاوت الأشجار والنخيل، ولم يشترط رؤية شيء من ذلك، فعلم أن المعنى في تلك المسألة أن ما يتعذر الاستقصاء برؤية كل جزء منه تقام رؤية جزء منه مقام رؤية الجميع في إسقاط الخيار، وبعض مشايخنا قالوا: تأويل قوله: ولا رأى شجره ولا نخلة، كل الشجر وكل النخيل.
إنما رأى رؤوس الأشجار ورؤوس النخيل، أما لو لم ير رؤوس الأشجار أيضاً لا يسقط (7أ4) خيار الرؤية، وهذا القائل هذا يقول في بيع المحض، ثم إذا ثبت خيار الرؤية في القسمة في أي موضع ثبت يبطل بما يبطل به هذا الخيار في البيع المحض؛ لأن القسمة في معنى البيع، وقد عرف تفاصيل ذلك في كتاب البيوع.
جئنا إلى خيار العيب، فنقول: خيار العيب يثبت في نوعي القسمة جميعاً، لأن إثبات خيار العيب مقيد في النوعين جميعاً، فإن القسمة متى نقضت بسبب العيب لا يحتاج إلى إعادة مثلها على حسب ما وقعت أول مرة، بل تعاد على وجه يزول الضرر عمن وقع العيب في قسمه.
ومن وجد من الشراء عيباً في شيء من قسمه، فإن كان قبل القبض رد جميع نصيبه سواء كان المقسوم شيئاً واحداً، أو أشياء مختلفة كما في البيع، وإن كان بعد القبض، فإن كان المقسوم شيئاً واحداً حقيقة وحكماً كالدار الواحدة، أو حكماً لا حقيقة كالمكيل والموزون، يرد جميع نصيبه، وليس له أن يرد البعض دون البعض، كما في البيع المحض، وإن كان المقسوم أشياء مختلفة حقيقة وحكماً كالأغنام يرد المعيب خاصة كما في البيع المحض، وما يبطل خيار العيب في البيع المحض كذا يبطل به في القسمة؛ لأن في القسمة معنى البيع على ما مر.
وإذا استخدم الجارية بعد ما وجد بها عيباً ردها استحساناً، وإذا دام على سكنى الدار بعد ما علم بالعيب بالدار ردها بالعيب استحساناً أيضاً، وإذا دام على ركوب الدابة، أو دام على لبس الثوب بعد ما علم بالعيب لا يردهما بالعيب استحساناً وقياساً،